النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي. وَادْخُلِي جَنَّتِي) (١). فربه هو الذي سبقه ، فأمر بالرجوع إليه لما اطمأن بالالتزام به ، فهو نفس الكل للعالمين جميعا ، للعالم الأعلى نفس ، وهم له عقل. والتأييد إليه واقع ، وهو يتنفس إلى من دونه بما اتصل به من روح القدس ، وسرى إليه من العناية الإلهية ، وهو نفس كلّ لعالم الهيولى ، لكونه في حد اللطافة ، وما دونه منهم في حد الكثافة. فالحياة إليهم منه ، متصلة غير منفصلة ، وفعله فيهم جائز (٢) جار غير منقطع ولا ممتنع ، وهو مخترع الزمان والمكان ، كما بين ذلك سيدنا المؤيد في بعض خطبه.
وقال أيضا في مرافدة حميد الدين في ذكر العقول العشرة (٣) : أسألك بأول من توجته بتاج الإبداع ، وخصصته بشرف البداية والاختراع (٤) ، السارية قواه في الفلك الأعظم المحيط أصل الحركات ، وباب عالم القدس ، البسيط ، وبثانيه (٥) الذي أرقيته أعلى مراتب الانبعاث ، وجعلته المخصوص برتبة
__________________
ـ فكان ذلك التوهم خطأ أكسبه تأخرا عن مرتبته وانحطاطا عن منزلته. ويذهبون إلى أن العقل الأول دعا جميع عالم الابداع إلى توحيد مبدعهم ، بحجابه المنبعث الأول ، فأجابه من تلك الصور المبدعة سبعة عقول كل واحد منهم بعد الثاني ، وفي ضمن كل عقل منهم من تلك الصور المبدعة عالم لا يحصيها العدد ، وبذلك صارت مراتب عالم الابداع تسعة : العقل الأول والمنبعث الأول والسبعة عقول المجيبة للدعوة. وسقط المنبعث الثاني عن مرتبته بما كان من توهمه فلاذ بآخر تلك العقول.
(١) سورة ٨٩ / ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٠
(٢) وهو أي فعله عمود من نور سار متصل لا تدركه الأبصار ولا يحيط بعظمته وجلالته الأفكار.
(٣) المجلس السابع عشر بعد الستمائة من المجالس المؤيدية نسخة خطية في مكتبة مصطفى غالب.
(٤) باعتباره المبدأ الأول والموجود الأول.
(٥) يريد بذلك المنبعث الأول أو التالي الذي هو الأساس في عالم الدين صاحب رتبة التأويل. وهو الموجود الثاني.