لاقتضى أن يكون ما وجد عنه الذي هو الموجود الأول هو المتعالي عن الواحدية والأحديّة والأولية ، الذي يكون الموجود عنه واحدا أحدا أولا. فلمّا لم يكن كذلك كان زوجا ، فلمّا كان زوجا وجب أن يكون لكل من الفردين اللذين بهما ذات الزوج ما يباين به صاحبه ويغايره لتثبت الاثنينية وإلّا فلا فرق ، فسبحانية من له الإبداع والأمر عن (١) أن يكون مترتبا في مرتبة يستحقّها ما وجد بإبداعه ، وخلوص المرتبة الأولة (٢) في الوجود للإبداع الذي هو المبدع هو علّة لكون وجود ما وجد عن المبدع الأول لا من جنس واحد.
ثم كون الموجود عن الموجود الأول في الرتبة الثانية من الوجود علة لكونه لا من جنس واحد إذ تلك المرتبة مرتبة الاثنينية ، والاثنينية لا تصح إلّا بوجود التغاير في الذات ، وأن يكون كل واحد من طرفي الاثنينية لا من هذا الموجود الأول شاغلا مرتبة الواحدية بسبقه في الوجود إليها ، وكونها له حقّا جنس واحد ، ثم كون المبدع الذي هو الموجود الأول جامعا لنسبتين (٣) :
إحداهما كونه بإضافته إلى ما عنه وجد إبداعا.
وثانيتهما كونه بإضافته (٤) إلى ذاته مبدعا ، يوجب بكونه علّة للموجودات أن يكون الموجود عنه اثنين ، والاثنينية لا تثبت إلّا بوجود التغاير ، فكون المبدع على ذلك علّة لأن يكون ما يوجد عنه لا من جنس واحد. إلى قوله : إن أولية المبدع من الموجودات ، وسلامة هذه المرتبة التي هي الأحدية والواحدية له ، يتعالى من له الإبداع والأمر عنها ، وتكثره (٥) بالنسب هي العلة
__________________
(١) عن : سقطت في ج وط.
(٢) الأولة : الأولية في ج.
(٣) لنسبتين : للسبتين في ج وط.
(٤) بإضافته : سقطت في ج وط.
(٥) وتكثره : وتكثرت في ج.