عنه الفاعل ، والأمر ، والعال ، والمبدع سبحانه حتى يكون ذلك الفاعل والآمر والعال والمبدع الذي هو العقل بكونه علّة ومعلولا ، وجوده في ذاته ليس إلّا عنه الذي هو خارج عن ذاته تعالى وتكبر ، وبذلك نطق الكتاب الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (١).
وقوله حيث يقول جل من قائل : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٢). يعني أن الله الذي قد ألّه فيما هو خارج عنه ، من موجده ومبدعه تعالى ، فتحير ووله إليه ، فاشتاق الذي هو العقل الأول لأن (٣) يدرك الأشياء كلّها ، ويحصلها بماهيتها وهويتها ، وعلى ما هي به ، ويتصورها فلا يأله فيها ولا يأله إليها ، ولا يتحير ، ولا تغرب عنه ، ولا يلحقه من إدراكها عجز ولا قصور ، إلّا فيما أشار إليه بقوله : إلّا هو الذي هو خارج عنه ، وعنه وجوده تعالى الله وتكبر. أي أقرّ العقل عند الألوهية والتحير ، والوله والشوق ، الذي له إلى مبدعه ، وهو قوله : شهد الله أنه لا إله إلّا ، أي لأوله ، ولا إلهانية. وهو قوله : «إنه لا إله إلّا فيما هو هو أي خارج عنه وهو قوله» (٤) إلّا هو ، فلا إله إلّا هو سبحانه وتكبر عما يقول الظالمون ، علوّا كبيرا.
فالأمر الأول الذي هو كونه كلمح البصر ، وهو المأمور الأول الذي لا يتغير ولا يستحيل عمّا هو ذاته ، والمعلول الأول الذي وجوده من ذات العلّة التي هي هو ، فتصير العلّة من جهة (٥) ذاتها معلولة ، ومن جهة
__________________
(١) سورة ٤١ / ٤٢.
(٢) سورة ٣ / ١٨.
(٣) لأن : سقطت في جميع النسخ.
(٤) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج وط.
(٥) لكون ما وجوده عن الله سبحانه وجودا أولا ذاته غير ذي غير بكونها عين الفعل الذي هو أول وجود عنه تعالى ، وذات الفعل ذات واحد لا ذاتين ، وإذا لم يكن وجوده وجودا أولا وجب أن يتقدم عليه في الوجود غيره ، فكان لو كان العقل جسما لتقدم عليه في الوجود غيره ، ـ