عين المسائل» (١) : فإذا كنت تريد بقولك إن القديم هو الله البارئ تعالى فغير مسلم لك هذا القانون ، للفساد الذي يتضمنه هذا القول ، لأن القديم من الأسماء التي يسميها العلماء المضاف ، وهو اسم واقع على شيء مقترن بشيء آخر هو متقدم عليه ، وذلك متأخر عنه ، ولولاه لما استحق أن يقال عليه قديم ، والبارئ كان ولا شيء ، وإذا كان ولا شيء فلا يستحق أن يقال عليه القديم الذي يفيد بمعنى من المعاني شيئا ينجر في الوجود معه شيء آخر فيكونا معا.
ثم إن القديم اسم ، وهو دال على شيء متقدم على شيء ، ولا يخلو هذا الشيء الذي تقدم على الأشياء إمّا أنّه هو الباري تعالى كبرياؤه عن ذلك ، أو هو غيره ، فإن كان غيره فاسم الغير المفيد من المعنى أنّه ليس بإله إطلاقه على الإله الحق من المحال ، وإن كان هو الله تعالى فبوجود أشياء هي غير الله يلزم أن من الشيء ما هو الله ، ومنه ما هو غير الله. وإذا لزم ذلك أن يتقدمها ما يجري منهما مجرى الجنس ، وكون الله تعالى المخبر عنه بأنّه متقدم على (٢) الأشياء في تعاليه عن سمة العقليات وصفة الحسيات بخلاف ما يوجبه نص الخبر ، دليل على أن الخبر الذي يؤدي أنّه قديم كذب وباطل ، وإذا كان باطلا وكذبا ، بطل أن يكون شيئا ، وإذا بطل أن يكون شيئا ، بطل أن يكون قديما ، أو محدثا. وإن أردت غير ذلك ، فنقول : إن القديم شيء ، والمحدث شيء ، والأشياء في وجودها على ضروب ثلاثة : منها ما يكون سابقا في الوجود ، فهو متقدم لا يتأخر كالعقل المقول عليه إنّه قديم (٣). ومنها ما هو متأخر في الوجود فهو متأخر لا يتقدم كالطبيعة المقول عليها إنّها محدثة. ومنها ما يكون
__________________
(١) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج وط.
(٢) متقدم على : سقطت في ج وط.
(٣) يريد بقدمه أي وجوده الأزلي لوقوعه من جهة الابداع في الثاني وكونه عقلا ، وإذ كان أزليا فمحال انتقاله عما وجد عليه أولا ، والعقول في دار الطبيعة منبعثة انبعاثا ثانيا.