الفعل بتمام قدرته لا من خارج بشيء تقدمه ، ولا من ذاته بمادة تعوقه (١) ، كان المبدع الأول الذي هو الإبداع علة لوجود الموجودات ، إلى قوله : ولما كان المبدع الأول هو الحي الأول ، ولا يكون حيّا ما لا يفعل ، كان المبدع فاعلا. وإذا كان فاعلا والفاعل علّة لوجود مفعوله ، فالمبدع الأول علّة لوجود ما سواه. فهو المحرك الأول والعلة الأولى.
وهذا الفصل قد أوضح أن له فعلا أولا استحق به ما وصفناه. وفعلا آخر فيما دونه بقوله : المحرك الأول ، وذلك بدعائه لهم. مثل الرسول لما طرقه التأييد كان فاعلا في من دونه (٢) محركا لهم بدعوته إلى توحيد الله تعالى وعبادته.
وقد أوضح سيدنا حميد الدين ق س حقيقة ذلك بقوله : فالأول محرك لجميع المتحركات إلى ما يكون فيه القيام بتسبيح خالقها (٣) ، وان الكمال الذي هو له ، هو السبب في تحريك غيره بكونه المتقدم في الحركة من ذاته بذاته إلى ما وصل إليه ، واتصل به ، فهو القديم دون غيره بذلك (٤).
كما جاء عن سيدنا حميد الدين ق س «من الزاهرة في الفصل الثاني في
__________________
(١) في راحة العقل «تعوقه كان المبدع الأول الذي هو الإبداع علة لوجود الموجودات». وبعد عدة أسطر من المناقشة يصل الكرماني في راحة العقل إلى «ثم لما كان المبدع الأول هو الحي الأول ...».
(٢) أي فيمن دونه من الأوصياء والمتمين والأئمة والحجج. والناطق فاعلا في الأنفس صور التوحيد.
(٣) لأنه الموجود الأول والمحرك الأول والعلة الأولى لا يحتاج في إصدار الافعال إلى غيره لكماله إذ فعله في ذاته ، وذاته لذاته مادة فيها يفعل. وذاته صورة بها يعمل ، وما يكون وجوده هذا الوجود فلا يحتاج إلى غيره في الفعل.
(٤) لأنه سبب لوجود جميع الموجودات في عالم الدين في دوره الذي هو أوله ، ومبدأه من وضائعه ومراسمه وحدوده.