الذي هو في رجالهم وعساكرهم ، وأموالهم وزينتهم ، وجمالهم وسياستهم ، ومسرتهم وغبطتهم ، بهذه المنزلة على الغايات التي تبهر الأنفس ، وكان البهاء والمجد والمسرة والاغتباط للذي يكون كماله الثاني بجوهره أعظم من ذلك ، ولما كان المبدع الأول الذي هو الموجود الأول كماله الثاني بجوهره ، لا بشيء هو غيره ، كانت جلالته وعظمته وقدرته وكبرياؤه ومجده ، وغبطته ومسرته بذاته على حالة يقصر الوصف عنها ، وتفوق المسرات التي عندنا ، وذلك بأن الأشياء المتناهية في الشرف في دار الإبداع ، المفارقة للأجسام ، هي مجامع الغايات ، والاغتباط والمسرات. إلى قوله : ثم إن المبدع الذي هو الموجود الأول لو لم يكن علّة لوجود ما سواه لما كان للموجودات وجود.
فمراده بأنّه علّة لهم بتصويرهم وتأييده لهم ، وإمداده إياهم بكونه بذلك خالقا وباريا (١) ومصورا بالكمال الثاني لعالم الإبداع ، ولعالم الخلق جميعا بالكمالين جميعا. وبرهان ذلك قول من جلت قدرته مخاطبا لواحد من أصحاب رسول الكريم.
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ. فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (٢).
وهذه الإشارة بالربوبية من قبل التربية إلى الرسول. وبالخلق والتعديل للصورة العلمية ، فذلك كذلك.
وقول سيدنا حميد الدين ق س (٣) : ولما كان لا عائق للمبدع الأول عن
__________________
ـ وإما بأعراضها ، وكان كمال ما يكون كماله في أعراضه مثل كمال الملوك الذي هو في رجالهم وعساكرهم وأموالهم ...»
(١) جاء قول الكرماني في المشرع السابع من السور الثالث هكذا «ثم إن الإبداع الذي هو المبدع السابق على كل شيء في كل شيء لو لم يكن علة لوجود ما سواه ، لما كان للموجودات وجود».
(٢) سورة ٨٢ / ٦ ، ٧ ، ٨.
(٣) انظر السور الثالث المشرع السابع من كتاب راحة العقل.