به ، فخالطوا ما ليس بخطإ. بل قد صارت الصورة صورتين : فصورة هي الصلاة ، وهي أشرفها ، وهي المقبولة ؛ والثانية ما خطر بباله مما ليس هو ملزم (١) به. قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (٢). فهذا هو المعنى في النسبتين ، وهو الحد الفاضل ، الكامل ، الأول ، القديم بتقدمه الأزلي بتأزله المضاف إليه الفعل فيما دونه ، ولمّا فعل في ذاته ما جل به وعلا. قال الذكر الحكيم في صفته ، وصفة تابعيه من بعده ، بما نذكره في موضعه : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣). (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٤). (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٥). (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٦). فهذه الآيات تختص به دون ما سواه.
قال سيدنا حميد الدين قس : إن الأشياء لا تزال ترتفع عن الكثرة تحليلا إلى ما منه وجدت ، الى أن تنتهي إلى واحد ثابت هو علة لجميعها ، وبه قوامها ، فيكون ذلك الواحد المتقدم الرتبة وجوده لا بذاته ، بل هو في ذاته فعل عمن لا يستحق ان يقال انه فاعل ، وهو مفعول لا من مادة ، وهو فاعل لا في
__________________
(١) ملزم : ملزوم في ط وج.
(٢) سورة : ٥ / ١٠٥.
(٣) سورة : ٥٧ / ١ ، ٢.
(٤) سورة : ٥٧ / ٣.
(٥) سورة : ٥٧ / ٤.
(٦) سورة : ٥٧ / ٥