رفعة وشرفا من أبناء جنسه (١) ، إذ لم يفطنوا بما فطن به ، ولم يسارعوا إلى ما وقع عليه (٢) ، فعلم أنّه بذلك يشرف عليهم ، ويفضلهم مفتخرا به معجبا ، وهو ما ضربه حميد الدين في المسرّة ، فكان هذا الوهم الثاني هو النسبة الأدون ، ولم يقع عليها اسم الأدون (٣) إلّا بسبب أنها صورة حدثت مع تلك الصورة الشريفة ، ومن ذلك أن كثيرا ممن ينتحل العلم والحكمة يعتقدون أنّه سها أو غفل ، أو ادعى ، وهو يجل عن ذلك ويتكبر. بل هو وهم يزيد في شرفه ، ولكن قد اشتركا في هاتين الصورتين (٤). فهذه «هي الصورة النسبة الأدون» (٥) المنسوبة إلى ذاته.
وإنّما مثل ذلك مثل رجل حضر وقت الصلاة إلى مسجد فيه جماعة من المصلين وهو أفضلهم وأعلمهم وأقومهم ، فتوجه في صلاته ، ولم يقم أحد منهم لقيامه ، فاستمر في صلاته ، وفي توجهه وتكبيره ، وقراءته وركوعه وسجوده ، فلحقه في وهمه وضميره العجب منهم ، ومن تخلفهم عن الصلاة في وقتها ، وعن قلّة (٦) اتباعهم له ، إذ لم يقتدوا
__________________
(١) لاتصال نور التأييد به من جهة المؤيد فوقف على حقائق الموجودات.
(٢) يريد أولئك الذين لم يستجيبوا إلى دعوة الداعي لما دعاهم إلى دعوة الحق العرفانية واكتفوا بما يستخرجونه من جهة الاستدلال بالدلائل الحسية ولم تخطر ببالهم الأشياء الروحانية العقلانية.
(٣) في جميع النسخ : الدون.
(٤) يذهب الإسماعيلية إلى أن السابق هو ينبوع التأييد ومثله مثل الناطق الذي هو ينبوع التأليف يعني الذي يؤلف بين قلوب المؤمنين بما يوجده من علوم وتشاريع منبثقة من الرسالة التي كلف بتبليغها ، وهو الذي يلطف النفس ويخرجها من حد القوة إلى حد الفعل ، وبتأييد السابق صلاح الدنيا والآخرة ، وإدراك الأشياء المستغلقة. والسابق تام بالفعل من غير أن كان في القوة قبل أن ظهر بالفعل بسبحانيته وقدسانيته في إبداعه الأول تاما بالفعل ، وهو غير مكتسب قوته وشرفه من شيء آخر ، كاكتساب الطبيعيات المتصرفة بين القوة والفعل. هاتان : هاذان في ط وم.
(٥) سقطت هذه الجملة بين قوسين من ج وط.
(٦) قلة : خلة في ج.