وبين الخير والشر ، والنفع والضر ، والباري سبحانه يتعالى أن يكون علّة لشيء ، وكذلك العلم الأول الذي هو ذات الحيوان والنبات أثر من المبدع الأول. وكذلك هو أصل الموجودات (١) وأولها وواحدها ، ومبدأها ومنتهاها (٢) ، وهي (٣) ملزمة له بجميع هذه الصفات والإضافات ، بسمة الحدث والازدواج والاختراع ، فهو الحي ، والحياة (٤) صفته التي هي ذات ما وجد عليه ، وله كمال أول ، وكمال ثاني ، وهو حامل في ذاته ، محمول في ذاته ، فهو أول وما كان له أول فله آخر ، وما كان له آخر فله أول ، وهو بصفاته معروف ، وبسريان تأييده (٥) موصوف ، وهو تحت انحصار العبودية موقوف.
ونحن نبين في الباب الذي يتلو هذا الباب حقيقة ذلك ، فهؤلاء قوم أدركوا الطبائع ومطبوعاتها ، والأفلاك وهيئاتها ، فظنوا أنهم قد وقعوا على حاصل. قال الله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) (٦). وقال : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٧).
وقال [ومن يشرك بالله](فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (٨).
والصنف الثاني الذين يعتقدون بإلهيّة الهيئة أجمع. ومن يعتقد منهم بالشمس
__________________
(١) أصل الموجودات : لأنه العلة الأولى التي بها استقامت السماوات بأقطارها ، والدوائر بغاياتها ومراكزها ، واستفاءت الكواكب بحركاتها وطبائعها ، ولمعت الصورة الطبيعية منه بأشخاصها وأنواعها وأجناسها للإقرار للصانع بمحض التوحيد.
(٢) مبدأها لأنه السابق في الوجود ، ومنتهاها لأن كافة الموجودات تنتهي إليه يريد الإمام الأول ، وخاتم الأدوار القائم المنتظر.
(٣) وهي : سقطت في ط.
(٤) لأنه أصلها ولأجله وجدت بما فيها من موجودات.
(٥) التأييد : يكون ابتداء التأييد بالمؤيد ، إذا صار قادرا على استنباط الأشياء من غير طريق الحواس والاستدلال بالظواهر على الخفيات.
(٦) سورة ٢ / ٢٢.
(٧) سورة ٤ / ٤٨.
(٨) سورة ٥ / ٦ في أصل الآية (يكفر بالإيمان).