طاعة الرسول وأولي الأمر. فهذه ثلاث طاعات مفترضات لا ينفك بعضها من بعض. أي وقت تركت واحدة منها بطل الباقي.
فقد صح أن توحيد الله سبحانه بمعرفة حدوده ، وهم أشرف الصنعة وأكملها وأفضلها. كما قال رسول الله ص (١) : تدلك الصنعة على صانعها ، والفعل على فاعله. فهم زبدة الصنعة وأجلها ، وأعظم بها لنطقها بالتوحيد ، وتجريدها عن ذاتها الإلهية لمبدع المبدعات المبدي المعيد ، وقد لقطنا من أوضاع الحدود بحسب ما أردنا إيراده تعريفا وتصريحا ، لأن يكون المعتقد في اعتقاده على بصيرة وحقيقة ، ولتكون صورته سامية على الصور القاصرة ، متميزة عن العقول الحائرة الخاسرة ، أهل الشك والإلحاد والتيه في طرق الفساد ، أهل الشرك الذين وصفهم الله تعالى بقوله : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (٢). فمنهم ملحد وغال وقال ، وهم ثلاثة أصناف :
الأول منهم فريق من الفلاسفة يعتقدون أن العقل الأول الذي هو السبب الأول لا مبدع له (٣) ، ولا مسبب إلّا هو فهو مسبب ذاته. فشبهوا بذلك وألحدوا ، ونفوا المبدع الحق وجحدوا ، فبذلك عاندوا الحدود ، وقطعوا الوسائط ، فبعدوا. والعقل الأول هو علّة الموجودات ، وفي معلولاته أثر منه ، وذلك الأثر هو العقل المولود الذي به يفرق المخلوق بين الحق والباطل ، وبين الخطأ والصواب ،
__________________
(١) ص : صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ج وط.
(٢) سورة ١٢ / ١٠٦.
(٣) يرى الإسماعيلية أن من يذهب إلى أن المبدع الأول لا مبدع له لأنه هو الذي أبدع ذاته قد ألحد لأن المبدع الأول بنظرهم أبدعه الباري سبحانه وتعالى من نور وحدته كحد أول من الحدود الروحانية. وقالوا إنه هو القلم والعقل الأول أو العقل الفعال يقابله في عالم الدين الناطق ، ووكله تعالى بحفظ العالمين ليتم حكمته ، لأنه مشرف وحدته الذي به شرف نور التأييد ، ومعدن حكمته الذي به صح تجريد التوحيد. فريق : فرق ط.