الجرمانية وما شاكلها ، بأنّها هي الكل والجملة ، ولم يميزوا بعقولهم السخيفة ، وآرائهم الضعيفة ، أنّها تدرك ببعض الحواس ، وتحويها الجهات ، وأنّها مدبرة مسخرة ، مجبورة مقدرة ، كما قال تعالى : [و](الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (١).
وقال : (وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ) (٢). وقال : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٣).
وقال : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) (٤). وهي متحركة حركة عرضية ملازمة لها أبدا ، ولها شرف وهبوط ووبال ، وأوجات وحضيض ، وأفول وكسوف ، ونحوس وسعود. وبعض هذه الأوصاف تسلب عنها الإلهية ، وتجري عليها العبودية والحدث الممتنع عن الأزل.
والصنف الثالث الغلاة الذين يعتقدون إلهية البشر ، ولم يتضح لهم معاني سلب الإلهيّة عنهم. أول ذلك كونهم في عالم الكون والفساد ، ومقارنتهم للأجساد ، وقد علموا بتناسلهم وتناكحهم ، ويأكلون ويشربون ويتغوطون ، ويفرحون ويترحون ، وتعتريهم الأحزان والغموم والهموم والأمراض والأعراض ، والأسقام والآلام ، والموت والقتل ، والخوف والفاقة في كل وقت وحين إلى الماء والطعام. وهذه صفات من هو مخلوق محدث محتاج مقر بالعبودية ، داخل تحت عظمة الإلهية.
ونحن نبين في الأبواب التالية بشرف هذه الآيات التي اعتقدوا إلهيتها ، وعظمتها وجلالها عند الله سبحانه بمعاني حقيقة ، لا على ما يتوهمونه. والله سبحانه الموفق للصواب بعونه وبركته ورحمته ومشيئته إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) سورة ٥٥ / ٥ أضاف إلى الأصل و.
(٢) سورة ٧ / ٥٤ و ١٦ / ١٢.
(٣) سورة ٤١ / ٣٧.
(٤) سورة ٣٦ / ٣٨. في ج : الآية.