غايتها ، وهو الوصول إلى منتهى المواقيت والأهلة.
فبهذا يصير إماما بعد أن كان مأموما ، يطلع به نور النور ، ويتجلى به الحق عند الظهور. فمتى بلغ المربوب ذلك ، لم يبق عليه بشرية ، ولا يوصف بصورية ، بل تتراءى الصور كلها فيه. وقال في بيان ذلك الداعي أبو التمام ، في أرجوزته المعروفة (١) ، مثل ما جاء عن مولانا الصادق عليهالسلام شعرا :
يكون في الأول مستجيبا |
|
حتى يصير عالما نجيبا |
ثم يصير داعيا ومرشدا |
|
لمن به من حيرة الشك اهتدى |
ثم يصير بعده جناحا |
|
قد جعل العلم له مباحا |
ثم يصير لاحقا مؤيدا |
|
موفقا في أمره مسددا |
ثم يكون بعده إماما |
|
مقدسا مؤيدا تماما |
لأنّه يأخذ باللطيف |
|
من حده العالم الكثيف |
وقول أصدق القائلين رمزا بما هو الحق المبين : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) (٢).
الآية. وقال : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (٣). وقال : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٤).
وهذا هو السر الخفي الذي لا يكون ظهور علمه إلّا من لسان إلى أذن.
وقال سيدنا الرسول صلىاللهعليهوسلم : فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. وهذا الذي لا يخطر ببال من أهل الأقوال والأعمال ، بأن ذلك يكون كذلك. قال تعالى أصدق القائلين :
__________________
(١) أرجوزة الداعي أبو التمام المعروفة بالشجرات وفيها ١٣١ بيتا نظمها في أوائل القرن السابع.
(٢) سورة : ٢٤ / ٥٥.
(٣) سورة : ٢٨ / ٥.
(٤) سورة : ٣٢ / ١٧.