وقال :
هم الأولى بهم تجلى ربّنا |
|
لخلقه سبحان من عزوجل (١) |
فهل بيان أوضح من هذا البيان ، أو برهان أشفى من هذا البرهان في تسميتهم لتلك الأجساد الشريفة حجبا وغلفا؟ وظهر نفس المعنى أن المبدع الأول هو المحتجب الذي هو النهاية الأولة ، وأن النهايات الثانية حجبه ومقاماته وهياكله التي هي الصور الانبعاثية المجتمعة عند الباب المسمى جنة المأوى في عالم الدين. والجسد هو المكنيّ عنه بالشبه. لقوله تعالى : (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً. بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) (٢) الآية. فالشبه هاهنا الغلاف الذي أظهر به الظاهر به الغيبة. فالمرفوع هي تلك الصورة النورانية التي لا تجوز عليها تصاريف الزمان ، وبرهان ذلك بأنهما شيئان : شبه ، ومرفوع. وقوله تعالى ما المسيح بن مريم إلّا رسول قد خلت من قبله الرسل ، وأمه صديقة ، كانا يأكلان الطعام.
فقد قام البرهان على أن الشبه هو صاحب الفاقة ، وهو المماثل للصور البشرية للأنس والاتباع ، ولا معلول عليه ، لأنّه مشيمة دار الآخرة الباقية «وبفراقه حدوث العينية والصورة المنتقلة مولود الآخرة الباقية» (٣) ، الخالدة في دار الملكوت ، بالمجمع الأعلى ، على البرزخ الأسنى ، فهي لا تفنى ، ولا تدثر ، تقدير عزيز حكيم. مصداق ذلك قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ) (٤).
__________________
(١) يريد أن المبدع الأول هو الذي تجلى به ذات المبدع.
(٢) سورة : ٤ / ١٥٦ ، ١٥٧.
(٣) سقطت هذه الفقرات الموضوعة داخل قوسين من ج.
(٤) سورة : ٣ / ١٦٩ ، ١٧٠.