وهذه الآية تنتظم جميع من انتقل (١) من أهل الدين ، وذلك أن من انتقل منهم فإلى ربّه الذي مادته منه ؛ فالإمام عليهالسلام منتقل إلى المجمع الأكبر ، يرزق عنده مسرور بما أتاه الله. وكذلك من حد المستجيب إلى الباب على ذلك السبيل ، فالأجسام لا قول عليها ولا معول.
وقد جاء عن منصور اليمن في بعض أوضاعه ، في تشريف الحدود ، وتعظيمهم ، وتنزيه صورهم الانبعاثية ولم يعبأ (٢) بأجسادهم قال : ممنوعون من تصاريف الصفات ، لا تشتبه عليهم اللغات ، لطفوا فلطفوا في سعة باريهم إذ أبدعهم من نور الأنوار ، فهم متلألئون (٣) عن درك الأبصار ، روحانيون ؛ لا تأزهم ترائب الأجسام ، هيكليون لم تجنهم الأرحام ، صمديون لا يأكلون الطعام ، متفاوتون في منازل الدرجات ، لم يلدوا فيتناسلوا ، ولم يولدوا فيتناسبوا ، ولم يتكافئوا فيتنافسوا ، بل كلهم لمن فوقهم مربوب ، وكلهم عن غيب ذي العزّة محجوب ، حجب مقربون ، وعباد مكرمون ، لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون ، لباسهم لباريهم القدرة والأحظار ، ومذاهبهم الأمر والائتمار ، طعامهم محل الإرادة ، علموا فعلموا (٤) ، وملكوا فشكروا ، واستعبدوا على عظمتهم فلم يتكبروا ، فهم كافون لما كلفوا ، قادرون بما أعطوا ، مبلغون لما حملوا ، أحاط بهم علم باريهم ، فهو لهم جنة ومأوى ، وأتقنهم صنعة لأنّه الابتداء ، وإليه الانتهاء ، فلو عدلت السموات العلى ، والأرضون السفلى ، وما بينهما ، وما تحت الثرى ؛ لكانت «في عظمة أحدهم كجناح بعوضة ، فأين يتاه» (٥) ، بثواقب العقول ، وأين يطمح السائل بالمسئول؟ «قال تعالى» (٦) : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا
__________________
(١) جميع من انتقل : سقطت في ج وط.
(٢) ولم يعبأ : سقطت في ج وط.
(٣) متلألئون : مثل الالهيون في ج وط.
(٤) فعلموا : فعملوا في ج.
(٥) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج.
(٦) قال تعالى : سقطت في ط.