المشتري ، ويعود إليها ثانيا ، وتسلمه إلى الزهرة ، ثم إلى عطارد ، ثم إلى القمر راجعا ، وقد استكملت قوى الأملاك ، فما كان منها عند وفاء الأوج في نهاية الستين ، كان برجا من البروج على ما قدمنا ذكره ؛ وما كان فيما بين أول الستين إلى آخرها ردت إلى المزاج والممتزج ، وتكون في البر والبحر درا وياقوتا وزمردا ؛ ومن الجواهر ما يستحق كل شيء منها ، وتكون في خزائن الملوك مدخرة (١) مشرفة ، مكرمة مصونة ؛ يصونها من هي في ملكه ، ما لا يصون نفسه وولده.
ومنها ما يكون إلى القسم الثالث من المذابات ، وذلك باستحقاق يوجبه العدل والحكمة ، وما كان عند وفاء الستين خلفت من قد استحق الخلافة ، وتكونت النازلة في الأغذية ، وصعدت إلى القامة الألفية ، لا يعوقها عائق ؛ وتدرج إلى أن تبلغ الكمال الثاني من البيوت التي يذكر فيها اسم الله.
فصل : والحقيقة من ذلك والمعنى ، فإن النفوس الطاهرة الفاضلة من الحدود والمؤمنين ، إذا فارقت أجسامها ، وصعدت في الأسباب ، وتدرجت في دخول الأبواب ، ارتقاء إلى أن تبلغ الباب الذي هو مجمعها ، وبرزخها الأدنى فإن العناية الإلهية تعمد إلى تحريك الشمس لسريان قواها إلى أجسامهم الشفافة ، عند نقلة كل شخص منهم ، فتخمرها وتمزجها ، ثم تجمع تلك القوى من الجسم حتى يكون مجتمعا على سبيل فعلها أولا ، وهو نطفة في الرحم ، أربع طبائع ، فتخمره كما يخمر (٢) اللبن الحليب لإخراج الزبدة الشائعة فيه. فكذلك تخمر النطفة حتى تكون علقة ، ثم مضغة ، ثم تستخرج الزبدة التي هي النامية ، التي فيها الحسية (٣) بالقوة ، فكذلك تخمر الجسم ثلاثة أيام.
__________________
(١) أي مخزونة (سرية تعيش في التقية).
(٢) يخمر : خمر في ط.
(٣) الحسية : الخسية في ط.