ظواهر كلام أهل الحكمة ؛ حتى إنهم يعتقدون أن الملائكة الذين ذكرهم الكتاب الكريم ، الذين أمدهم الله بهم في يوم بدر وحنين وغيرهما هم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، رجعوا إلى دار الدنيا بلطائفهم وكثائفهم. وإنّما المعني أن أهل الحق منهم ، والصحبة والنصيحة ، والطاعة والولاء ، هم من أجسام كانت في دور من بعض الأدوار ، ظهروا بظهور غلافات مقامات كانت في ذلك الدور ؛ ثم ظهرت فكانت الميم ، والعين ، والحائين ، فقاموا في العلم والحكمة بالفعل ، وظهر معهم تابعوهم ومنافقوهم ، فكان ما كان آخرا مثل ما كان أولا.
وذكر ذلك سيدنا حميد الدين قدس الله سرّه بقوله (١) : وكما بايعوا للولي أولا على رغمهم (٢) ، فسيفعلون آخرا ، ويعود الآخر كالأول ، والأمر يومئذ لله ، والمعنى في كيفية عودة الأجسام ، ما قد كررنا فيه القول : أن اللطائف ، إذا فارقت الكثائف ، بقيت فيها الريحية محتجبة بالحرارة الغريزية ، من قوى الصفراء ، والدم ، الذي هو الكبريت الأحمر المعدوم وجوده ، إلّا في خزائن الملوك ، الذين هم الأئمة عليهمالسلام (٣). فصارت أشعة الأفلاك ، وقوّة الشمس ، التي هي أصلها ، تخمره ، وتكوّنه ، وتحلله وتحفظه على مرور الزمان ، كما لوحت الحكماء ، أن الأجسام تعود إلى عناصرها مجملا ، ولم يفصلوه ؛ وذلك قول صحيح :
إن جسم المؤمن يعود إلى عنصره (٤) الأول في الإيمان ، وأجسام الحدود حدودا ممّا انحل من الأجسام ، وتصعد إلى القمر كما ذكرنا هذا من تلك الريحية ، ويبقى في أفقه إلى يوم اجتماعه بالشمس ، ثم دفع ذلك إليها ، ثم تدفعه إلى
__________________
(١) المشرع العاشر من السور الرابع من كتاب راحة العقل للكرماني.
(٢) على رغمهم : بزعمهم في ج وط.
(٣) عليهمالسلام : سقطت في ط.
(٤) عنصره : العنصر في ج.