وكثير من أهل مقالتنا يرى أن المعاد يكون لطائف روحانية لا تنطق ، ولا تشخص ، ولا لها وجود في معادها ، لأنها غير مدركة ، وإذا كان كل عقل قد قام بالفعل في دار القدس «وقد تشخص بكماله وتمامه ، وليس» (١) له نطق «بالتسبيح والتهليل ، والتوحيد يصير ذلك عيبا فيه ، بل كل عقل قد قام بالفعل في دار القدس له نطق» (٢) ، يسمع نطقه ، ويرى شخصه ، بنوره وضيائه وبهائه ، وجماله وعلوه ؛ وفي غاية التعارف ، وإلّا فلا معاد ، وذلك لقلة علمهم ، كما قال سيدنا المؤيد ، قدس الله سرّه : «فيكون سمعا كله ، بصرا كله ، نطقا كله» (٣) لأن الكثائف قد تفرقت ، واجتمعت اللطائف.
ونحن نعود إلى ما كنا فيه من القول على اتصال كل محدود بحده : وذلك أن المستجيب إذا اتصل بالمعلم الصادق ، ونفخ فيه من روح الحياة المتصلة به من أمر الله سبحانه كما قال سيدنا المؤيد قدس الله سرّه (٤) :
وكم من غشاوة جهل كشفت |
|
وروح نفخت بها في بدن |
ثم علمه وهداه ، وأكسبه الإكسير المرقي له من الرتبة الدنية إلى الرتبة العالية ، صارت صورته حياة بالحقيقة لا مجازا أزلية. كما قال : فمن كان علّة أزلية صار بها أزليا. وكان ذلك الذي صوره به من صورته هي النسبة الجامعة لهما ذاتا واحدة ، لأن الحسية إذا علمت وعملت ، صارت ناطقة منصبغة كما قال سيدنا حميد الدين (٥) : مثل الحسية عند ظهورها من الرحم ، مثل دهن
__________________
(١) سقطت الكلمات الموضوعة بين قوسين من ج.
(٢) سقطت الكلمات الموضوعة بين قوسين من ج.
(٣) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج وط.
(٤) راجع ديوان المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي داعي الدعاة ، القصيدة العاشرة.
(٥) راحة العقل المشرع العاشر من السور السابع ، قال الكرماني : «وذلك حين تتصور