الممدود بين الله وبين خلقه ، وأنّه النور المتصل بكل مقام ، وأنّه الساري المتصل بالحدود ، فهو الجاذب لصور المستفيدين إلى صورة المفيد ، وهو مغناطيسها الممسك لهاتين الصورتين على سبيل حجر المغناطيس وجذبها للحديد ، وإمساكها لما اتصل بها منه للنسبة التي هي بينهما. وكذلك عمود النور الذي هو روح القدس يجذب الصور ويمسكها في جميع أفلاك الدين ، فيما بين صور المفيدين والمستفيدين ، إلى أن تتكامل في أفق الباب المجمع الأدنى الأول.
فقد بينا حقيقة ذلك بيانا شافيا كافيا ، بالبراهين الواضحة من أوضاع الحدود ، وأظهرنا المعاني في جميع ما لوّحوا به وصرحوا. فالعلم والحكمة معدنها كل مقام ع. م بالجاري إليه من النهاية الأولة على أحسن نظام ، وأتم تمام ، وهو سار من الإمام ببركاته ولحظاته إلى حدوده الكرام ، ومن الحدود إلى المؤمنين لتمام التمام.
قال سيدنا المؤيد قدس الله سره في حقيقة ذلك (١) : أيها المؤمنون ، إن علم الإمام متصل بحجته المقام للإبلاغ عنه والإعلام ، اتصال خفي عن المستجيبين كاتصال نفس الجنين ، يتصل به من لطائف خالقه ما لا تدركه العيون ، فتبدو منه حركة مخلوقة من سكون. وهذا هو معنى الوحي ، وحقيقة الساري من الله تعالى إلى من يشاء ويختار. بين ذلك سيدنا حميد الدين بقوله (٢) : فالوحي
__________________
(١) من المجالس المؤيدية ، المجلس الخامس عشر بعد الستمائة.
(٢) راحة العقل للكرماني المشرع الرابع عشر من السور السابع. ذهب الكرماني إلى أن القسم الأول الذي هو الوحي الذي يفيد معرفة الأصول ومثله بالشرر المعروف بالجد فهو الذي يحصل للمؤيد في اليقظة والإغفاء فيدرك أولا إما بأن يرى في ذاته شخصا يخاطبه أو يسمع خطابا لا من شخص مثل هتف هاتف ، فيقف بذلك على ما في الأنفس ويطلع على الاعتقادات ، فيكون ذلك كليا ، وأما القسم الثاني الذي هو الخطاب من وراء حجاب ، الذي هو الفتح فهو ما يكون من جهة قيام آثار الصنعة الإلهية في الموجودات ، مثل الخطاب الإلهي بالأمثال. فيقع منها العلم له بكل شيء بحسب قوته في قبول الضوء الذي يضيء له ذلك ، وأو له إثبات التوحيد ـ