وأقام الشخص في الدار ، يأمر وينهي ؛ فأحل النكاح وحرم السفاح ، وهدى إلى جميع الحلال ، ونهى عن الحرام ، وحذّر وبصر ، وأنذر وبشر ، وقدر كل خير ونفع وضر. لأن دوره روحاني عقلي نوراني مضيء ، وعمر طويلا حتى استخرج من دعوته ، وأرواح صورته ، ولطائف أهل طاعته ، أعضاء اجتمعت وتواردت شيئا بعد الشيء إلى بابه الأقرب ، وخاصته المهذب ، شخصا نورانيا كملت أعضاؤه ، مجردا روحانيا ، صورة محضة ، خالصة مخلصة ، قائمة بالفعل. فأسلمها إلى الشخص الفاضل عند وفاء الأجل المحتوم. فكانت المشار إليها بالولد التام ، الذي يقوم مقامه ، وينوب منابه ، فنص عند أوانه ذلك عليه ، وأشار بالإمامة إليه. وخنس هو عن الدار ، إلى دار القرار ، لجوار الملك المقرب ، الموكول إليه أمر العالم المكنيّ عنه بجنّة المأوى عند سدرة المنتهى ، بحظيرة القدس ، صفحة السموات العلى ، عند باب حجاب الحجاب ، الموقوف للأنبياء والأوصياء والأئمة النجباء ، في دائرته جيلا بعد جيل إلى قيام القائم الذي يقوم مقامه ، وينوب منابه ، في تدبير العالم السفلي عند الانتهاء والتمام ، وكمال الختام.
فإذا صعد إلى فلك (١) العاشر المكنيّ عنه بنفس الكل ، صعد وسكن هو عما كان فيه ، ورقي إلى رتبته شخص ملكي انبعاثي ، وصعد ذلك أيضا بصعوده. على ذلك الترافع في العلو والسفل أبدا سرمدا (٢). وهذه خاصة للإمام الظاهر من المغارات الذي قام في عالم الدين مقام الأول في العقول المجرّدة ، إذا صعد إلى رتبة العاشر ، صعد العاشر بصعوده وخلافته له. لأن ذلك الإمام كان ظهوره بعد السبعة الآلاف ، التي ذكرناها. فكان عقلا قائما بالفعل ، أعضاؤه كاملة في المغارة من عالم الأفلاك ، والصعود إليه إلى ما يقوم
__________________
(١) فلك : الفلك في ج.
(٢) سرمدا : سقطت في ج.