تلألأت أنواره بالإشراق ، وأظهر العلوم وأنبأ بالمعلن منه والمكتوم ، ودعا بلسان التوحيد الى المتحد به ، الأول في البداية ، غاية كل غاية ، وجه الله الكريم ، واسمه العظيم.
ثم أمر من تلك الأشخاص أحد عشر شخصا إلى الجزائر النائية عن جزيرته ، ورتب كل واحد منهم في جزيرة من الجزائر. وأقام الثاني عشر في جزيرته التي هو فيها. وأقام أيضا اثني عشر حجة بحضرته وأمر بتعليم الخلق في الجزائر وتهذيبهم ، وتسديد أمورهم وتأديبهم ، فاستجاب كثير من الخلق بقبول وطاعة ، وصفاء خالص ، وولاء (١) مخلص من جميع من له سابقة ونية بتشريف ذلك الحد الأعظم ، أو بحد من الحدود دون الآخر لقوله تعالى واصفا لأهل الطاعة : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٢).
وكان أيضا في كل جزيرة مغارة فيها من الوحوش الماثلة بالقامة الألفية التي هي من ظلمة الجهالة وكدر الخطيئة تكونت عن المياه الأجنة الفاسدة الوسخة ، مثل القرود والذّئبة والنسانيس (٣) والغولة والعديرة (٤) وما شاكلها إبعادا ولعنا وإقصاء لها ، حتى (٥) لا يظهر عنها شيء ممّا هو في خواطرها من الفساد وقلة الرشاد. وكذلك من أجناس العجم ما هو يماثل هذه الخلقة الممسوخة ، مثل الزنج وما شاكلهم من السودان ، وغيرهم من الأشخاص ، والأنواع ؛ لكونهم في البعد من النهايات ، فكان ذلك كذلك.
__________________
(١) وولاء : ولواء في ج.
(٢) سورة : ٣ / ٨٤.
(٣) والنسانيس : والنسناس في ج وط.
(٤) العديرة : هكذا وردت في النسخ الثلاث.
(٥) حتى : لئنا في ج ؛ لأن في ط.