نهاية المراتب (١) في الجلال ، والعظمة ، والكبرياء ، والثناء ، والقدرة ، والبهاء ، على أمر يضيق مجال العقول في الإحاطة ، تعالى الله علوا كبيرا ، والذي يكون بهذه المثابة فلا يكون له ضد ولا مثل ، فسبحانه ولا إله إلّا هو جل أن يكون له فيما هو هو ضد أو مثل.
وقال الشيخ الحميد السجستاني (٢) في إثبات النبوات : فسبحان المتعالي عن درك الصفات ، وإحاطة تصاريف اللغات ، لا تلحقه أحكام التبديل ، ولا اختلاف التحويل ، ولا تعتوره همم الأحلام ، ولا حضور رويات الافهام ، ولا جولان خواطر الأوهام. لا ينال بحس ، ولا ينعت بجنس ، ولا يخطر في الظنون ، ولا يرى بالعيون ، ولا يوصف بالحواس ، ولا يدرك بالقياس ، ولا يشبه بالناس. المنزّه عن ضد مناف ، أو ند مكاف ، أو شبه بشيء ، لا تدركه الأبصار ، وهو يدرك الأبصار ، وهو اللطيف الخبير ، المتعالي عن شبه المحدودين ، ذوات الموجودين ، الذي تحيرت الأوهام في نعت جبروته ، وحصرت الافهام عن صفة ملكوته ، وقصرت الألباب عن استشعار معرفة ديمومته ، وكلت الأبصار عن إدراك كيفية عظمته ، الدال بتدبير التراكيب ، وتقدير التراتيب ، في السقف المرفوع ، والمهاد (٣) الموضوع ،
__________________
(١) أي المراتب العلوية والسفلية والحدود الروحية والدينية لأنها تحت اختراعه ، فهو تعالى لا بجسم ولا في جسم ولا يعقل ذاته عاقل ولا يعرب عنه بلفظ قول ولا بعقد ضمير ولا يحس به محس. نهاية : النهايات ج وط.
(٢) هو أبو يعقوب إسحاق بن أحمد السجزي أو السجستاني المولود في سجستان سنة ٢٧١ هجرية له مؤلفات عديدة في علم العرفان الإسماعيلي ومن أشهر كتبه كتاب (النصرة) الذي عارض فيه كتاب الإصلاح الذي وضعه أبو حاتم الرازي في الرد على آراء الداعي النسفي التي وردت في كتابه المحصول وبذلك انتصر للنسفي على الرازي. قتل في تركستان سنة ٣٣١ ه.
(٣) المهاد : المهد ج ط. ورد هذا النص في مقدمة كتاب اثبات النبوات للسجستاني.