القدس والتمجيد ، فكان في سبقه وشرفه بفعله ، كسبق المبدع الأول وشرفه ، وكسبق المنبعث الأول إليه. فظهر بالفعل في العلم والحكمة ، وظهرت به المعجزات ، ونطق بالأسماء والصفات (١) ، لاستحقاقه لذلك ، وسبقه إلى ما هنالك ، إذ هو زبدة العوالم (٢) أجمع ، وبسببه تحركت المتحركات ، وتمكنت المتمكنات ، وتزمنت المتزمنات ، وكان نهاية تلك النهايات وغاية جميع الغايات ممّا في الأرض والسموات ، فكان سبقه ممّا لا يترجم عنه «عقل طيني ولا لسان توحيدي» (٣) ، وكان إمام الأئمة ، وقبلة كل قبلة ، كمال الأمر ، ورأس المشيئة (٤) ، سبق السبق ، وكان في نفس الرتق أول الخلق.
ثم جرى به الظهور والاتحاد ، واختصه النهاية الأولة بذلك. وكان أول الآحاد والأفراد ، في عالم الكون والفساد ، الهادي إلى دار المعاد ، فنطق بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، وتشعشعت صورته ، وأنارت بصيرته ، وكان قيامه ابتداء دور الكشف ، وعلم الأشخاص الذين ظهروا معه علم الكيفيات واللميات ، بعد أخذه عليهم عهد الله المؤكد ، وميثاقه المغلظ (٥) المشدد ، والوحي متصل به غير منفصل ، والعلم لديه بالفعل ، فعرفهم الخلقة بأسرها ، ودلهم على أسمائها وصفاتها ، وحركاتها وسكناتها ، وابتداء انفعالها ، من أول كرة من المكان ، وحركات الأفلاك التي جرت بها الأزمان. وهذبهم في العلوم الأربعة التي هي : علم اللسان ، ثم علم الأزمان ، وعلم الأبدان ، وعلم الأديان ، بمادة الواحد المنّان. اختصه بعلم جميع ذلك لكونه قائم الابتداء في العالم الجسماني ، وأول عالم في الجنس الإنساني بقوة ظهور الاتحاد ،
__________________
(١) الصفات : الصفايات في ج.
(٢) العوالم : العالم في ج وط.
(٣) عقل طيني ولا لسان توحيدي : سقطت في ج وط.
(٤) المشيئة : المشيمة في ج وط.
(٥) المغلظ : سقطت في ج وط.