فهذا فصل أوضح فيه
أن الشمس مركز الحياة الهيولانية التي هي الصورة التي سمّاها الملك المقرب الذي
بيده تدبير عالم الجسم المعرب عنه بالكرسي ، التي هي الحياة ، التي كنينا عنها
بحواء ، التي حوت الأشياء ، وأحاطت بها. وهي الهابطة ، وهي التي يحركها آدم
الروحاني لما له يقصد ، ممّا قدمنا ذكره. وإن مركزها الشمس ، ومحلها أنها أعلم
العلماء ، وأطب الأطباء ، بتأييدها لعالم الجسم ، وهذه علوا وسفلا.
ونحن إذا قد بينا
القول على التوحيد المحض ، ومعرفة المختص برتبة الوحدة والتوحيد بسبقه سدرة
المنتهى. ثم على جنة المأوى المنبعث بالفعل بذاته في ذاته ، وشفعناه بالقول على
المنبعث الثاني القائم بالقوة وكماله الأول ، ونقصانه عن الثاني ، وسبق العقول
السبعة له ، وترتيبهم ، وإقبالهم عليه ، وتحنّنهم وعودته إلى ما غفل عنه بغير قصد
، وإجابته. ثم على قيامه في من تخلف كقيام الإبداع الذي هو المبدع الأول ، ودعاؤهم به ،
وتكبرهم وإصرارهم عليه وعلى المنبعث الأول ، وعلى هبوطهم وتكثفهم وامتزاجهم ،
وكونهم هيولى وصورة ، لطيف فاعل ، وكثيف مفعول به. فاللطيف ما بيناه أنّه الصورة
التي هي الحياة القائمة بالقوة المخصوصة بالعلو ، على ما جرى به القول. فكان علوها
بما أسرته في الحد الجليل السابق في الوجود ، ولبوسها للكثافة ، وقبولها لها
بتخلفها عن حديها ، وإجابتهما والالتزام بهما ، وعن الإقرار بمبدع الكل تعالى.
__________________