تفعل في غيره بحسب قبوله منها ، على نحو ما يفعل السمك الذي يختص فعله وتحذيره بيد الصياد دون غيره ، أو على نحو فعل حجر المغناطيس الذي يختص بالحديد دون غيره الذي لا يقبل قوة جذبه (١).
فأقسام الجسم كثيرة مثل الأفلاك والكواكب والأركان. وليس للطبيعة منها قسم يختص به ذاتها ، لا الأفلاك ولا غيرها إلّا الشمس التي بها حياة الكل ، وبها عالم الجسم وظهور المواليد الجسمانية من معدن ونبات وحيوان ، بمرافدة الزوج الذي هو القمر. فالطبيعة التي هي الحياة ، قد ظهر أنها في الوسط بين النهايتين اللتين إحداهما الإبداع ، وثانيهما الإنسان الذي هو الجامع للفضائل الذي إليه تنتهي أنوار المؤثرات من العوالم كلها ، أعني النهاية الثانية المنبعث من طريق الانبعاث الثاني الذي هو القائم سلام الله عليه. قد جرى فيه ما قد جرى في الأول من الكمال ، فقام بكونه نهاية ثانية بإزاء النهاية الأولة التي هي الإبداع ، وهو أعني القائم نهاية النطقاء ، والأسس ، والأئمة ، والتابعين من الحدود في عالم العبادة والتوحيد ، من أول الدهر إلى الذي هو أول الأدوار.
فالعوالم كلها متعلقة بعضها ببعض متسلسل على النظام الذي توجبه الحكمة الإلهية الذي إن تحرك مثلا متحرك ، أو سكن ساكن ، كان موجودا بذلك المعنى في الكل. فيكون بتطابق الكلّ شيئا واحدا ، والطبيعة بنهايتها أعلم العلماء ، وأطب الأطباء ، وهو الملك المقرب المسلم إليه تدبير أمر عالم الجسم ، المعرب عنه بالكرسي ، فسبحان من له هذه المملكة ، ومن تدبيره هذا التدبير ، ولا إله إلّا هو (٢).
__________________
(١) وردت هذه الأقوال في المشرع الثاني من السور الخامس من كتاب راحة العقل للداعي أحمد حميد الدين الكرماني.
(٢) لاحظنا تقديما وتأخيرا في النص المنقول وإسقاط بعض العبارات مما دعانا لإيراد النص كما ـ