خالقها إلّا بما دلها عليه ، ودعاها بما علمها من العبادة له إليه ، لا إله إلّا هو ربّ العالمين.
قال سيدنا المؤيد أعلى الله قدسه في بعض خطبه ومجالسه قولا يدل به على حقيقة التوحيد منه قوله : وأشهد أن لا إله إلّا الذي تقدس عن أن يكون متى ، ولا بأيدي الأوهام متناولا ، فالوهم إذا سافر إليه تاه في عرض الفلاة ، وإذا قعد عنه قعد معطلا مبطلا.
وقال في موضع ثان : فسبحان من تصرف الخطرات فيه محال ، وصرفها عنه كفر وضلال. وقال أيضا : اللهم يا من يجل عن أن يقال يا من ، فيكون مشبها ، وممتنع أن لا يقال يا من ، فيكون تعطيلا وعمى ، فالفكر عنه على تصريفه مصروف ، والوهم بين الحركة والسكون موقوف ، والطريق ما بين النفي والإثبات مخوف.
وقال أيضا : الحمد لله الذي بعد فعزّ توحيده أن ينال بمراس الفكر ، فالبصيرة عن إدراكه بحقيقته كالبصر مبدع الخالق ، البارئ ، المصور «وهو المنزّه عن صفة الخالق البارئ المصور» (١).
وقال : الحمد لله الذي لا يدركه من لا تدركه الأبصار ، ولا يحصره من لا تحصره الأفكار ، الذي دون تناوله للأفكار أستار ، أو لإقدام الأوهام زلل وعثار ، فهو سبحانه لا يدخل تحت اسم ولا صفة ، ولا يوما إليه بالإشارة مكيفة ، ولا يقال عليه حيّا ، ولا قادرا ، ولا عالما ، ولا عاقلا ، ولا كاملا ، ولا تاما ، ولا فاعلا ، لأنّه مبدع الحي ، القادر ، العالم ، العاقل ، التام ، الكامل ، الفاعل ؛ ولا يقال له ذات ، لأن كل ذات حاملة للصفات ،
__________________
(١) سقطت الكلمات التي بين قوسين من ج.