تعالى لا ينفى ، ولا يعطل ، ولا يقال عليه ما يقال على مخترعاته ، ولا يبطل.
قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : إن أول الديانة لله تعالى معرفته ، وكمال معرفته توحيده ، ونظام توحيده نفي الصفات عنه ، وإقامة حدوده «بشهادة العقول إن كل صفة وموصوف مخلوق» (١) وبشهادة الصفة والموصوف جميعا ؛ إن الحدث الممتنع من الأزل منفي عنه سبحانه. وقال : الكلام فيما لا تدركه جهل ، والمناظرة فيما لا يبلغه العقل خطأ.
وقال صاحب الرسائل صلوات الله عليه (٢) : الواجب تنزيه الباري «عما يوصف به العقل والنفس لما كانا من مخترعاته ومخلوقاته وإنه سبحانه معللهما» (٣) وسبب وجودهما لا إله إلّا هو كل له عابدون ، فبالبرهان إن العقل والنفس لا يدركان صفته ، وإنّما يقال بالتقريب ما يتقرر في العقول وتسكن إليه النفوس. لا بخفائه استتر ، ولا بظهوره كظهور مخلوقاته ظهر ، فهو مستور بنوره كظهوره بنوره وإشراقه ، لأن نوره بهر الأنوار ، وانحصرت عن رؤيته الأبصار ، وحارث عن كنه صفته الأفكار. كل ذلك لجلالته وعظمته وإشراقه واحاطته بمخلوقاته وقدرته عليها ، وإنّها كلّها في قبضته وغير خارجة من قدرته ، وكيف تجد المخلوقات السبيل إلى وصف
__________________
ـ المجردون ، بل هو تعالى وتكبر جرد المجرد أو لم يجرد لا مثل له ، إذ لو كان لكانا اثنين ، ولكانا من حيث كونهما اثنين يوجد في كل واحد منهما ما يباين به الآخر ، وبه تقع الاثنينية ، والله تعالى في ذروة لا يجوز أن يكون له ضد ولا مثل.
(١) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج وط.
(٢) صاحب الرسائل : يريد صاحب رسائل إخوان الصفاء الوفي أحمد (١٩٨ ـ ٢٦٥ هجرية).
(٣) سقطت الكلمات التي بين قوسين من ج وط.