ثم جرت الأفلاك السبعة ، فإذا هي من فوق الأرض ، كان زحل ، الذي هو مثل الرجلين من فوق ، والقمر الذي كالرأس إلى أسفل ، وذلك على سبيل المختم ، يكون مقلوبا. فإذا ختم به كانت كتابة ثابتة ؛ فالمراد بذلك ثبات ما على وجه الأرض ، ممّا له في الفلك صورة وطبيعة ، من معدن ونبات وحيوان. والمعنى من ذلك ظهور زبدة الكل التي هي القامة الألفية (١).
ثم كانت هذه الكواكب تدور ، فإذا هي من فوق ؛ فزحل أعلاها ، والقمر من السفل إلى ما يلي الأرض ، وإذا هي من تحت الأرض كان القمر من فوق إلى ما يلي الأرض ، وزحل إلى نحو فلك البروج ، وذلك لعكس خلق من تحت الأرض ، ووحشة معوجة منعكسة لا تشبه شيئا ممّا فوق الأرض.
وذلك لثبات الكواكب ، انعكست الصورة المسجونة المظلمة ، المعذبة المغلولة أسفل سافلين ، والأرض من أسفل وجوانبها ، كالهبوط الذي هو صلد من الغار ، فهي صلدة من جميع جوانبها ملساء كالحديد ، يابسة لا ماء فيها ، ولا نداوة ، بل كبريتية (٢) زيبقية ، تتوهج بلفح كلهب النار ، بل أشد وأعظم.
وذلك لأن لا يسقط من الحجارة والتراب والماء شيئا على الأفلاك في دورانها ، ولأن تكون سجنا للعذاب ، وفيها من المغارات والكهوف ، والحدود والأصداع ، أكثر ممّا هو فوق الأرض.
ولذلك أن الهواء إذا تموج ممّا هنالك ، وحدث من شدة تموجه الرياح
__________________
(١) يذهب علماء الإسماعيلية إلى أن الشخص البشري كان ظهوره أول تدبير القمر نباتا من الأرض مستندين إلى قوله تعالى (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) وبذلك خالفوا أولئك الذين يقولون بأن الإنسان خلق من إنسان واحد على التناسل.
(٢) كبريتية : كبرتيتية في ج.