وهيولاه التي هي جسمه في التهيؤ والموافقة والانبساط لصورتها على أمر يكاد أن يكون كهي لشدة اتحادهما ، بما شاع فيهما من نور الوحدة (١). فسمى الفلك المحيط الكرسي ، والبروج العرش.
وجعل الصورة هي الحياة ، وهي نفس «الحس وهي المحركة المتحركة من داخل الجسم الذي هو الهيولى نفس النماء» (٢). فقد بان هذا الذي ذكرناه من علو الصورة باستحقاق ، ودنو الهيولى كذلك باستحقاق.
وقال أيضا (٣) : بأن الذي يبقى منه هذا الباقي الذي هو الهيولى في وجودها وانبعاثها عن الموجود الأول ذات صورة رافدة إياها الوجود كما أنها لها بها الوجود ، إذ لا وجود لإحداهما إلّا بوجود الأخرى ولا لهما وجود إلّا معا ، بكون وجودهما عن نسبة هي في ذاتها زوج معرب عنها بالمبدع الذي يقتضي إبداعا ، وما بالإبداع هو مبدع ، فلا الهيولى سابقة في وجودها على الصورة ولا الصورة سابقة في وجودها على الهيولى ، بل هما ذات واحدة ، هي في ذاتها ، جزءان بهما ذات الجسم جسم ، على كون الصورة أشرف من المادة ، لتعلق الفعل بها ، وعلى كون كل منهما ـ أعني الهيولى والصورة ـ في ذاته غير جسم ، فلا الهيولى بمجردها جسم (٤) ولا الصورة بمجردها جسم.
وهذا فصل أوضح أنهما لطيفان. فالحسية لطيف ، والنامية لطيف.
__________________
(١) في الأصل المنقول عن راحة العقل «نور الوحدة بقربه منها ، واستعلاء حكم الصورة عليها حتى كأن كليهما شيء واحد».
(٢) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج وط.
(٣) المشرع الأول من السور السادس من راحة العقل.
(٤) حتى تكون الفائدة أعم نكمل هذه الجملة اقتباسا من راحة العقل «ولا الصورة بمجردها جسم أيضا ، لكنهما باعتضاد كل منهما في الوجود بالآخر على أمر ينافي ذاتيهما إذ كانتا في حالهما الأولى لا كهما في حالهما الثانية عند البحث».