ولكونه حجاب الحجاب وبابه ، وسبب الأسباب وثوابه (١) ، فخالفوه أيضا ، وأنكروه.
ومنهم أيضا من لم يقر بالمبدع الأول ولا بغيره ، فهم الذين سفلوا إلى أسفل سافلين ، بعد أن أظلم الكل ، وامتزج البعض بالبعض. وكان المقرّ بالمبدع السابق منهم على ما فعل العاشر زوجا للعاشر في تصوره ذلك. فهو آدم الروحاني الذي استعطف ، واستتيب ، فعطف وتاب. والذي زاوجه على التصور الأول حواء ، وهي الصورة التي هي النفس الظلمانية (٢) ، التي تخلفت عن طاعة من أطاعه ، ووقع بهم القول : اهبطوا بعضكم لبعض عدو. وكانت هذه الزواجة المقرّة بالحد الأول في أعلى المكان مراتبهم وترتيبهم على معنى خواطرهم ، والمتخلف عن الكل في أسفل سافلين.
قال سيدنا حميد الدين قدس الله سرّه في الرمز بذلك (٣) : ولذلك يقال عند حد الطبيعة إنها مبدأ حركة وسكون ، في الشيء الذي هو فيه بالذات ، وذات هذا المحرك هي الحياة السارية من عالم الربوبية المعرب عنها بالصورة التي وجودها بالانبعاث من الإبداع ، من الهيولى عن النسبة الموجبة وجودهما على ذلك ، بأن تكون إحداهما فاعلة ، والأخرى مفعولة فيها (٤) ، إلى قوله : بل هي من شيئين بهما وجوده : أحدهما الهيولى ، والأخرى الصورة ، سماهما عالم الدين ، الكرسي والعرش ،
__________________
(١) لأنه جوهر محيط بالأشياء كلها. وهو من حيث كونه عقلا لا فرق بينه وبين الأول ، كما أن الوصي أول منصوص عليه من الحدود في الدور والدعوة إلى التوحيد ، فهو من حيث كونه كاملا لا فرق بينه وبين الناطق ولا يقع الفرقان إلا بالمرتبة في التقدم.
(٢) هذا هو رأي العرفان الإسماعيلي في آدم وحواء في الابداع الروحاني.
(٣) المشرع الرابع من السور الخامس من كتاب راحة العقل للداعي أحمد حميد الدين الكرماني.
(٤) «على النظام الموجود عليه حال الموجود الأول الذي هو الإبداع على ما عليه طبيعة النسبة مفعولا وذاته لا كذات العقول في التجرد من المواد صورا محضة ، بل هي من شيئين».