فقال : ويحك يا كميل من أجاب عن التوحيد بالعبارة فهو ملحد ، ومن أشار إليه فهو ثنوي ، ومن نطق به فهو جاهل ، ومن سكت عنه فهو غافل ، ومن ظن أنّه واصل فليس له حاصل (١) ، وكلّ ما ميزتموه (٢) في أوهامكم في أصدق معانيه (٣) فمصروف عنه مردود إليكم ، مصنوع محدث. وقال (٤) :
العجز عن درك الإدراك ادراك |
|
والبحث عن سر كنه الذات إشراك |
والكشف عن مستجنات الغيوب عمى |
|
عليه من ظلمات العجز أفلاك |
وروي أيضا أن رجلا يمانيا سأله فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟ فقال : نعم. أفأعبد ما لا أرى؟ قال : وكيف تراه؟ قال منه السلام : لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن (٥) تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين (٦) متكلم بلا روية ، مريد بلا همة ، صانع بلا جارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، بصير لا يوصف بالحساسة (٧) ، رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتذهل القلوب من مخافته.
__________________
(١) حاصل : أي ما بقي وثبت وذهب ما سواه ، والمقصود ليس له إمام لأنه حاصل الكل ، ومجمع الأنفس ، وروح الروح.
(٢) ميزتموه : أي عرفتم حقيقته الباطنية القدسية وحدوده الروحانية والجسمانية الدينية.
(٣) أصدق معانيه : التي هي الصورة الإلهية لأنه بنظر الحكمة الإلهية الإسماعيلية ليس الله نفسه ، ولكنه لا ينفصل عنه.
(٤) تنسب هذه الأبيات للإمام علي بن أبي طالب (ع. م) أساس أئمة الدور السادس. قال : وقال صلوات الله شعرا ج وط.
(٥) ولكن : وكن ج.
(٦) مباين : مباين ط.
(٧) بالحاسة : بالحساسة ج.