الحذر) كلاما متناقضا ، لانه لما كان الحذر مقدرا ، فأي فائدة في هذا السؤال الطاعن في الحذر»؟.
ثم ذكر تفسير المنار أن المسلمين أمسوا أقل الناس حذرا من الاعداء ، حتى ان أكثر بلادهم ذهبت من أيديهم ، وهم لا يتوبون ولا يذكرون ، ولا يتدبرون أمر الله في هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) وما في معناها ولا يمتثلون ، ويحتجون بالقدر.
ثم قال صاحب المنار عن الحديث : «المقدور كائن ، والهم فضل» انه لا يذكر أنه رآه في كتب المحدثين بهذا اللفظ ، ولكن البيهقي روى مرفوعا : «لا تكثر همك ، ما قدر يكن ، وما ترزق يأتك» وهو حديث ضعيف ، وأما الحديث الآخر : «الحذر لا يغني من القدر» فقد رواه الحاكم عن عائشة بلفظ : «لا يغني حذر من قدر» وصححه. ثم قال صاحب المنار : «وما أراه يصح ، وتساهل الحاكم في التصحيح معروف ، والرازي ليس من رجال الحديث ، ولكنه رأى بالعقل انه مخالف للآية ، أو مضعف من تأثير الامر فيها ، وكيف يقول الله : (خُذُوا حِذْرَكُمْ) ، ويقول رسوله ان الحذر لا ينفع ، لأن العبرة بالقدر الذي لا يتغير؟.
واني على استبعادي لصحة الحديث ، وميلي الى انه من وضع المفسدين الذين أفسدوا بأس الامة بأمثال هذه الاحاديث ـ أقول انه لا يناقض الآية ، فان الله أمرنا بالحذر لندفع عنا شر الاعداء ، ونحفظ حقيقتنا ، لا لندفع القدر ونبطله ، والقدر عبارة عن جريان الامور بنظام تأتي فيه الاسباب على قدر المسببات ، والحذر من جملة الاسباب ، فهو عمل بمقتضى القدر لا بما يضاده».
والعرب لم يفتها الحديث عن الحذر والاشارة الى قيمته ، فكان من دعائهم قولهم : «وقاك الله كل مكروه محذور». وضربوا الامثال في