عنه ، وانقباضك منه ، وعند الانس اليه والثقة به تمكنه من مقاتلك». ورووا من كتب الهند : «الحازم يحذر عدوه على كل حال : يحذر المواثبة ان قرب ، والمغاورة ان بعد ، والكمين ان انكشف ، والاستطراد ان ولى ، والكرة ان فر».
* * *
هذا ولقد جاء ذكر الحذر في السنة المطهرة ، فروى أبو داود : «أحذركم زيغة الحكيم» أي ميله وجوره ، وكأن هذا من قبيل : لكل جواد كبوة ، وروى الترمذي : «ان الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم». والحساس : شديد الحس والادراك والاستماع ، واللحاس : كثير اللحس لما يصل اليه. وروى ابن ماجه واحمد : «ان الله لم يبعث نبيا الا حذر أمته الدجال» والدجال في الاصل الكثير الخداع. وهذا يذكرنا بالحديث القائل : «يكون في آخر الزمان دجالون» أي كذابون مموهون ، وقد روى مسلم وأحمد : «ان بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم».
قد يقول قائل : وما جدوى الحذر وهناك حديث يقول : «لن ينفع حذر من قدر»؟. وقد تعرض لهذه الشبهة «تفسير المنار» وذكر ما أورده الرازي من أحاديث فيها ، مثل : «المقدور كائن ، والهم فضل». ومثل : «الحذر لا يغني من القدر». وذكر تعليق الرازي الذي يقول : «ان صح هذا الكلام بطل القول بالشرائع ، فانه يقال : اذا كان الانسان من أهل السعادة في قضاء الله وقدره ، فلا حاجة الى الايمان ، وان كان من أهل الشقاوة لم ينفعه الايمان والطاعة ، فهذا يفضي الى سقوط التكاليف بالكلية ، والتحقيق في الجواب أنه لما كان الكل بقدر ، كان الامر بالحذر أيضا داخلا في القول ، فكان قول القائل : (أي فائدة في