هو مقام عين التوكل ـ كما يذكر القرطبي ـ والحديث النبوي يقول : «اعقلها وتوكل».
فكونوا يا أهل الايمان متيقظين دائما ، وضعتم السلاح أم لم تضعوه ، ولا شك ان هذا يدل على تأكيد الوصية بالحذر والتأهب للعدو في كل الاحوال ، وترك الاستسلام والاغترار ، فان الجيش ما جاءه مصاب قط الا من تفريط في حذر.
ولقد عاد القرآن الكريم يقول في سورة النساء أيضا وهو يتحدث عن المصلين صلاة الحرب : (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) (١) ، فجعل الحذر سلاحا وآلة يتحصن بها الغازي ، ولذلك عطف الاسلحة على الحذر ، فقال : «وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم» ، وهذا الحذر مطلوب حتى في الصلاة ، لان الاعداء يتمنون أن ينالوا منكم غفلة فيشدون عليكم شدة واحدة : (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة) (٢).
وهذه وصاة بالغة بالحذر وأخذ السلاح ، لئلا ينال العدو مأربه ويحقق مطلبه ، ولذلك جاء في كتب التفسير أن أكثر أهل العلم يستحبون للمصلي أن يأخذ سلاحه اذا صلى في الخوف. ولقد قال الحكماء : «لا تطمئن الى العدو وان أبدى لك المقاربة ، وان بسط لك وجهه ، وخفض لك جناحه ، فانه يتربص بك الدوائر ، ويضمر لك الغوائل ، ولا يرتجي صلاحا الا في فسادك ، ولا رفعة الا بسقوط جاهك».
وقالوا أيضا : «احذر الموتور ، ولا تطمئن اليه ، وكن أشد ما تكون حذرا منه ألطف ما يكون مداخلة لك ، فانما السلامة من العدو بتباعدك
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ١٠٢.
(٢) سورة النساء ، الآية ١٠٢.