قررت استحقاق الزوجة لجميع مهرها بالغا ما بلغ (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)(١) وقد أكد علقة الزوجية ، وارتباط كل من الزوجين بالآخر ارتباطا وثيقا في عدد من آياته البينات ، قال سبحانه : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)(٢) وفي آية أخرى (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ)(٣) والمراد باللباس هو سكن النفس ومحل راحتها واطمئنانها ، ويؤيد ذلك الآية الكريمة :
(جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) أي جعل لكم الليل محلا تسكنون فيه وترتاحون به ، كما جعل لكم النهار لتطلبوا فيه معاشكم وتدبروا فيه شؤونكم. ومن لطفه سبحانه بعباده أن وضع في قلبيهما الرحمة والمودة وجعلهما جزءين من نفس واحدة ، لا يقوم المجتمع إلا بهما ولا يصلح الا بصلاحهما ، وإذا فسد أحدهما كان الفساد في المجتمع بأسره ، فأحدهما بمنزلة القلب النابض والثاني بمنزلة العقل الذي يقود الى الخير والصلاح. ولا يمكن ان يعيش أحد بدون قلب ينبض ، كما لا يصلح انسان بدون عقل يقوده إلى الهدي والرشاد. لهذا ينظر القرآن الكريم حين يقول : (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) ، وحين يقول : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) ، وحين يجعل لكل منهما مثل الذي للآخر عليه ، (لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
ولقد رغب القرآن في الزواج وحث عليه وأكدت السنة الكريمة
__________________
(١) سورة النساء الآية ٢١.
(٢) سورة الروم الآية ٢١.
(٣) سورة البقرة الآية ١٨٧.