المورد الوحيد للدولة الإسلامية في عهد الرسول ، إذا استثنينا ما كانت تدره عليهم بعض الغزوات من الغنائم أحيانا ، قال سبحانه مشيرا إلى الموارد التي تصرف فيها : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ)(١) ، وهي من أعظم ما فرضه الإسلام فائدة على المجتمع ، لأنها كما تهيئ للدولة الأموال اللازمة للدفاع والعمران والثقافة ، وتقوم بجميع شؤونها ، كذلك تخفف عن الفقراء والمحرومين ما يقاسونه من الآلام التي تبعث في نفوسهم الحقد على المنعمين والمترفين. فنظام الزكاة في الإسلام كغيره من النظم التي شرعها الإسلام ووضع فيها الخطوط الرئيسية للتوازن بين الطبقات كي لا تجوز إحداها على الأخرى ، فقد فرض على الأغنياء أن يقدموا من أموالهم قسما إلى الدولة ، وهي بدورها تتولى صرفه في المصالح العامة وعلى الفقراء. في الوقت نفسه تتلاشى تلك الثورة النفسية التي يحدثها الفقر على الأغنياء المنعمين.
وقد تناول التشريع الإسلامي كل ما يحتاجه الإنسان ، حتى ما يحل له أكله ، وما يحرم عليه من أنواع الحيوان وغيره ، وجاء في القرآن والحديث وصف الحلال بالطيب والحرام بالخبيث. قال سبحانه : (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وقد بين القرآن الكريم ما يحرم وما يحل كما في الآية ١٤٤ من سورة الأنعام : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) والآية
__________________
(١) سورة التوبة آية ٦٠.