ليسوغ لنا الرجوع
الى القياس وأمثاله . وفي تعليقه على هامش الكتاب المذكور ان ذلك مذهب البخاري
أيضا ، فقد قال : «لا أعلم شيئا يحتاج اليه ، في التشريع والآداب ونظام المجتمع ،
إلا وهو في الكتاب والسنة».
ومهما يكن الحال
فإن حدوث هذا الأصل في زمن الصحابة أمر لا يقبل الجدل والنقاش. وقد اشتهر بعد ذلك
وكثر العمل به عند الأحناف وغيرهم ، وأصبح كغيره من أدلة الأحكام. أما اتصال ذلك
بزمن الرسول ، فليس في الآثار التي وصلت الينا عنه ما يؤيد هذا الرأي. وحديث
إقراره لمعاذ بن جبل على العمل برأيه ، فيما اذا لم يجد نصا من كتاب او سنة ، هذا
الحديث ليس فيه ما يشير الى القياس بمعناه المعروف ، من قريب او بعيد وكل ما في
الأمر انه أقرّ معاذا على بذلك جهده ، ليصل الى الواقع في مقام عدم النص. وهذا أمر
مفروض على القضاة والمفتين ، بعد أن يكون فيهم من المؤهلات الكافية للبحث عن الحكم
في مظان وجوده ، حتى لا تضيع الحقوق ، ولكي يعرف الحلال من الحرام.
وأما ما نقله ابن
القيم عن محرز المدلجي ، والذي برقت له أسارير وجه النبي ، كما يزعم الراوي ، فليس
فيه اكثر من موافقة القيافة او القياس ، كما يسميه ابن القيم ، للمبدأ الشرعي
العام ، الذي وضعه الرسول في مثل ذلك ، وأصبح أصلا متبعا في كل مولود تولد من
أبوين ، بعد تحقق النكاح بينهما. قال (ص) : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ، بدون
ان يكون لتشابه الألوان والأقدام أي أثر في ذلك.
__________________