تنجح نجاحا كليا ، ولم يوفق لسد هذا الباب كما يريد ، فلقد ظهرت بعض المدونات في زمانه وبعده ، قال ابن النديم في كتابه الفهرست :
انه كان بمدينة الحديثة رجل يقال له محمد بن الحسين جماعة للكتب ، له خزانة لم أر لأحد مثلها كثرة ، تحتوي على قطعة من الكتب العربية في النحو واللغة والأدب ، والكتب القديمة ، فلقيت هذا الرجل دفعات فانس بي ، وكان نفورا ضنينا بما عنده ، خائفا من بني حمدان ، فاخرج لي قمطرا كبيرا فيه نحو من ثلاثمائة رطل من جلود وحكاك وقراطيس ، وورق صيني وورق تهامي ، وجلود أدم فيها تعليقات عن العرب وقصائد مفردات من أشعارهم ، وشيء من النحو والحكايات والأخبار والأسماء والأنساب ، وغير ذلك من علوم العرب وغيرهم ، فرأيتها وقلبتها فرأيت عجبا ، الا ان الزمان قد اخلقها واحرفها ، وكان على كل جزء أو ورقة أو مدرّج توقيع بخطوط العلماء واحدا اثر واحد ، ورأيت في جملتها مصحفا بخط خالد بن أبي الهياج صاحب علي (ع) ، ورأيت فيها بخط الإمامين الحسن والحسين عليهماالسلام ، ورأيت عنده أمانات وعهودا بخط أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ، وبخط غيره من كتاب النبي (ص) ، ورأيت ما يدل على ان النحو عن أبي الأسود ما هذه حكايته. وهي أربعة أوراق احسبها من ورق الصين : ترجمتها هذه فيها كلام الفاعل والمفعول من أبي الأسود رحمهالله.
ثم لما مات الرجل فقدنا القمطر وما كان فيه فما سمعنا له خبرا ، ولا رأيت منه غير المصحف على كثرة بحثي عنه (١).
ويؤكد محمد عجاج الخطيب في كتابه السنة قبل التدوين بأن
__________________
(١) انظر فجر الإسلام لأحمد رامي ص ١٦٧ والسنة قبل التدوين ص ٣١٦ وما بعدها.