المعتبر فيها لا يتوقف على وجود الأمر وهيئته. نعم المتوقف عليه الوجود المحقق لقصد الامتثال وهو لم يكن موقوفا عليه حتى يلزم الدور ، فاتضح اندفاع الدور اتضاحا.
وهذا الذي ذكرت في دفع الدور مما تفردت به ولم ار الى الآن من تعرض لدفعه بل كأنهم ارسلوا وروده ارسال المسلمات وتحيروا في تصحيح قصد اعتبار التقرب والامتثال ، وتعسفوا تعسفات شديدة ، مثل ان الآمر يأمر اولا بما عدا قصد القربة من سائر الأجزاء والشرائط ، ثم يأمر بقصد الامثال والتقرب وغير ذلك مما لا حاجة اليه اصلا بعد ما ذكرنا. فاتضح انه يجوز التمسك بالاطلاق لدفع اعتبار التعبد وقصد التقرب فيما شك فيه والعذر في الاطناب والاسهاب وذكر مبادئ عقلية ومقدمات ميزانية هو كون المسألة من المهمات ، فاشكر ربك الأعلى فانه المنان بالعطيات على أهل مملكته ولا سيما على من لازمه ولجأ اليه.
قوله «قده» : كالايمان والنية.
الايمان لو احتاج الى قصد الامتثال والداعي القربى فكان موقوفا عليه ، ومعلوم ان قصد الامتثال موقوف على الايمان فيدور ، واما النية ـ اي نية التقرب ـ فلا يعقل ان يحتاج الى نية اخرى ، لأنها لو احتاجت اليها لكانت موقوفا عليها ، وتلك النية الأخرى لما كانت نية فهي ايضا محتاجة وموقوفة على نية اخرى ، فان كانت هي النية الأولى التي كانت موقوفة فيدور ، وان كانت غيرها فيتسلسل ، فلا بد وان ينتهي الى نية تقرب لا تحتاج الى نية تقرب اخرى ، وهكذا الكلام في اصل مطلق النية فلا يحتاج الى نية وإلّا لدار او تسلسل ، وهذا واضح.