والحق أن الدال بما هو دال عنوان حاك ومفهوم ، فان في المدلول الذي هو المعنون والمحكي عنه والمصداق المغنى فيه ، والحكاية بما هي حكاية ليست بشيء حتى يتصف بشيء ، بل الشيء هو المحكي عنه ، ففيما نحن فيه لا يتصف اللفظ المطلق بشىء من النوعية والصنفية والفردية ، فلا يلزم محذور. نعم إذا لوحظ في نفسه واستؤنف النظر اليه ـ وبعبارة اخرى : جعل ما فيه ينظر لا ما به ينظر ـ يتصف بالامور المذكورة وغيرها ، فالصواب أن يقول في القسم الثالث : وقد يطلق على فرد ، وحينئذ فيبقى سؤال الفرق بين القسمين الأخيرين ، حيث أن المطلق عليه فيهما هو الفرد من غير اعتبار المثلية في أحدهما للمطلق واعتبار النفسية في الآخر حتى يحصل الفرق ، فأقول :
ليس الأمر في القسم الرابع كما زعمه ـ قدسسره ـ من أن فيه مطلقا عليه ، وهو يكون شخص نفس المطلق ، بل ليس فيه فرد وشخص يكون مطلقا عليه وإلّا لدار دورا مستحيلا ، إذ اطلاق اللفظ موقوف على تحقق ذلك الفرد المطلق عليه ، وتحقق ذلك الفرد حيث لم يكن له تحقق آخر وراء تحققه باطلاق اللفظ موقوف على إطلاق اللفظ ، فهذا دور واضح صريح ، وسنعود اليه عن قريب إن شاء الله تعالى ، فظهر الفرق.
إن قلت : لا نسلم أنه لا يجوز دلالة المتغايرين على الآخر ، وسند هذا المنع جميع أقسام المجازات.
قلت : فرق واضع بين ما نحن فيه وبين المجازات ، فان فيها لم تستعمل الحقائق فيها وإلّا لزم اجتماع الضدين. نعم استعملت الالفاظ التي كانت حقائق فيها ، فليس فى الألفاظ معاني أخر وراء معانيها المجازية تكون الألفاظ باعتبارها دالة على المعاني المجازية ، ولم تلحظ في نفس تلك الألفاظ