مغايرة للمعاني المجازية في مقام دلالتها عليها ، فلا يلزم في المجازات دلالة احد المتغايرين على الآخر ، بخلاف ما نحن فيه ، حيث لاحظ «قده» فيه في اللفظ المطلق كونه فردا آخر مماثلا للفظ المطلق عليه ، فان المماثلة من الطرفين فيلزم المحذور.
مع أن لنا أن نمنع المجازات وكونها من الدلالات اللفظية. وبيانه : انه لا شبهة في أن بين المعاني الحقيقية والمعاني المجازية علقة لزومية وتكافؤ عقلي من العلية والمعلولية والاشتراك في علة واحدة ، ففي المجازات التي يطلق فيها اللفظ الموضوع للسبب على المسبب وبالعكس العلقة هي العلية والمعلولية ، وفى غيرها الذي فيه الحالية والمحلية والكلية والجزئية والعموم والخصوص وغيرها العلقة هي الاشتراك في العلة ، اذ الحالية والمحلية وما يليهما ويماثلهما من مقولة الاضافة وبينهما تضايف ، والمتضايفان معلولان لعلة واحدة ومتكافئان تحققا وتعقلا ومتلازمان ذهنا وخارجا. وعلى هذا فذات المعنى الحقيقي والمعنى المجازي ـ وإن لم يكونا متلازمين ـ إلّا انهما بواسطة تلك الاضافات صارا متلازمين ، وتلك الإضافات وسائط في الثبوت كما لا يخفى. فالمضافان متلازمان ، سواء كانت على وجه التضايف المشهوري أو الحقيقي. مثلا : في لفظ «الميزاب» هذا لا ينتقل الذهن منه الى الماء ما لم يلحظ كون ذاك محلا لهذا.
فاذا تحقق عندك ما ذكرناه وأوضحناه بأوضح بيان ظهر لك انه اذا انتقل الذهن الى المعنى الحقيقي من أي طريق حصل ذلك الانتقال وبأي سبب تحقق تحقق العلم بالمعني الذي يسميه القوم معنى مجازيا ، وليس لخصوص اللفظ مدخل ، فليس له مدخل في الدلالة فضلا عن استعماله فيه ، فليست هذه الدلالة لفظية وضعية.