في الحقيقة بالاستقراء يحصل الاعتقاد الظني بأن العلة للحكم هو الكلي ، فيثبت الحكم له ظنا ، ففي مثال المضغ يحصل الظن بأن العلة والمناط لتحريك الفك الأسفل عنده هو الحيوانية ، فيكون الانتقال والاستدلال لميا ، وكذا فيما نحن فيه كما لا يخفى ، فلا وجه لعدم عده من الدلائل ـ فافهم إن شاء الله تعالى.
قوله «قده» : مع ان الوجه الثاني لا يجرى ـ الخ.
لأن الاستصحاب إنما يكون فيما اذا كان يقين سابق وشك لاحق وفي الفرض المذكور فى الكتاب اليقين لاحق والشك سابق ، اذ لا شبهة في أن المعنى اللغوي أو الشرعي المشكوك سابق ، والمعنى العرفي العامي المتيقن لاحق ، فاذا استصحب هذا المتيقن اللاحق الى زمان الشرع أو اللغة فيكون على عكس الاستصحاب ، ولهذا يسمى في لسان الوحيد البهبهاني «قده» بالاستصحاب القهقري وقد يسمى بالاستصحاب المعكوس.
ولكن فيه : انه يمكن تقرير الأصل على وجه لا يكون معكوسا ، بأن يقال : إنا نتيقن أن للفظ في الزمان السابق معنى ونشك في أنه هل هو باق أو مرتفع بتجدد وضع آخر لمعنى آخر ، فنستصحب ذلك المعنى ، اذ الأصل عدم النقل وعدم وضع آخر ، غاية الأمر وقصواه انه يكون اصلا مثبتا ، والأصل المثبت ـ وان لم يكن حجة بناء على التعبد بالاخبار حتى في مباحث الالفاظ وان كان حجة فيها بناء على غيره ـ إلا ان المقصود أن المناقشة في أصالة النقل لا تكون بناء على هذا التقرير بما ذكره من كونه على عكس الاستصحاب.