وجه الاجمال ظهر اندفاع الايراد الثاني عن المحقق القمي «قدسسره» حيث أن الحكم الاجمالي الذي فرضه «قده» من أن لآكل الربا مثلا حكما ليس النتيجة المطلوبة بل النتيجة هي أن الربا حرام. ثم لو فرض كون ذلك الحكم الاجمالي نتيجة مطلوبة فلم تكن معلوميتها على الاجمال على النحو الذي ذكرنا من كون الأصغر هو الموضوع للنتيجة موضوعا للكبرى لا بعنوانه الخاص به بل بعنوان عام إجمالي يكون أوسط في القياس. فالمحمول الذي هو محمول في الكبرى محمول على الاصغر بعنوان عام ، فلما كان المحمول محمولا للاصغر لا بعنوانه الخاص بل بعنوان عام صح أن النتيجة معلومة اجمالا لا بعنوان الموضوع الخاص به بل بعنوان آخر.
وبعبارة واضحة نقول : ليس فيما نحن فيه كبرى تكون النتيجة ـ وهي ان لآكل الربا حكما معلوما فيها بالاجمال.
إن قلت : نقرر وننظم قياسا بهذه الصورة ، وهي : إن الربا دل الخطاب اللفظي على حرمته ، وكلما دل الخطاب اللفظي على حرمته فهو حرام بالخطاب النفسى ، فينتج أن الربا حرام بالخطاب النفسي. ونقول : إن النتيجة معلومة في الكبرى لا بعنوان موضوع النتيجة الخاص به بل بعنوان عام اجمالي ، وهو : كلما دل الخطاب اللفظي فحصل ما هو شرط الدليل من سبق العلم اجمالا.
قلت : إن هذا القياس باطل ، إذ ليس على مذهب الأشاعرة للخطاب اللفظي مدلول غير الخطاب النفسى ، فالصغرى كاذبة ، إذ الخطاب اللفظي لم يدل على حرمة الربا بل يدل على الخطاب النفسى بالحرمة ، فيكون الحاصل : إن الربا دل الخطاب اللفظي على الخطاب النفسي بالحرمة ، فلا يكون في البين حد أوسط وواسطة فى الاثبات ، فلا يكون الخطاب اللفظي دليلا بل دالا.