فيه مجرد الحضور ، بل يتوقف على حصول مثال المدرك في المدرك ، اذ هو المقصود هناك ، فان المعلومات المنطقية لا تتجاوز عنه ، لا مطلق العلم الشامل له وللعلم الإشراقي الذي يكفى فيه مجرد الحضور كعلم الباري تعالى وعلم المجردات المفارقة وعلمنا بأنفسنا ، وإلا لم ينحصر العلم في التصور والتصديق ، إذ التصور هو حصول صورة الشيء في الذهن والتصديق يستدعي تصورا ، وعلم الباري تعالى وعلم المجردات بجميع الأشياء وعلمنا بذواتنا يستحيل أن يكون بحصول صورة كما بيّن في موضعه ، فلا يكون تصورا ولا تصديقا. وأما العلم بالأشياء الغائبة عنا ـ أي بما هو غير ذاتنا لأنها لا تغيب عنا ـ فلا بد أن يكون لحصول صورها فينا ـ انتهى.
وحينئذ نقول : إن علم الواجب تعالى بجميع ما عداه يكون علما حضوريا شهوديا نوريا إشراقيا على مذاق أهل الحق ، فليس له تصور وتصديق أصلا ، بل علمه تعالى أجل واشمخ وأبهى وأسنى ، فلا يكون له تصديقات على مقالة الحق ، وإنما يكون له التصديقات على مقالة من قال في علمه بالصور المرتسمة.
وبلسان آخر نقول : إن الحق أن العلم كسائر الصفات الحقيقية المحضة والحقيقية ذات الاضافة عين ذاته المقدسة الكريمة. ومن المعلوم أن ذاته الأقدس ليس تصورا ولا تصديقا ، فكذلك علمه تعالى.
وهذا كله مع أن ظاهر الاصطلاح لا يساعد على حمل الاحكام على تصديقات الشارع ، حيث أن الفقه بحسب ظاهر الاصطلاح هو تصديقات المستنبط لا العلم بتصديق الشارع كما هو واضح.
هذا كله توضيح مرامه زيد في علو مقامه ، ولكن يمكن أن يراد من الاحكام تصديقات المستنبط ، ويكون المراد هو العلم المتعلق بالتصديقات تعلق الأجناس بأنواعها ، ومن الواضح أن مطلق الادراك المراد من لفظ