وقام ابن الأشعث مع مدير الشرطة فتتبّعوا حجرا وأصحابه ، وبعد مصادمات عنيفة جرت بين الفريقين استطاعة جلاوزة زياد القبض عليه وعلى أصحابه ، فجيء بهم إلى زياد فأمر بإيداعهم في السجن.
وطلب زياد من عملاء السلطة أن يشهدوا على حجر وأصحابه ، فشهد جمع منهم أنّهم تولّوا عليّا ، وعابوا عثمان ، ونالوا من معاوية ، فلم يرض زياد بهذه الشهادة ، وقال : إنّها غير قاطعة ، وانبرى أبو بردة بن أبي موسى الأشعري فكتب شهادة ترضى السلطة هذه نصّها :
هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري لله ربّ العالمين شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ، ولعن الخليفة ، ودعا إلى الحرب ، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة ، وكفر بالله كفرة صلعاء ...
رضي زياد بن أبيه بهذه الشهادة التي كتبها ابن أبي الأشعري الذي لم يفقه هو وأبوه شيئا من الإسلام.
وشهد بهذه الشهادة سبعون رجلا كلّهم من المنحرفين عن الإسلام ، وعملاء السلطة ، ورفع زياد هذه الوثيقة إلى أخيه اللاّشرعي معاوية ، فأمر بحملهم إلى الشام موثّقين بالحديد ، فحملوا ليلا ووقعت النياحة في دار حجر ، وصعدت ابنته ـ ولا عقب له غيرها ـ فوق سطح الدار وألقت نظرة على القافلة التي تسير إلى الموت ، وهي تبكي أمرّ البكاء وتناجي القمر وتبثّه لوعتها وأحزانها وقد صاغت من محنتها وبلواها أبياتا من الشعر قائلة :
ترفّع أيّها
القمر المنير |
|
لعلّك أن ترى
حجرا يسير |
يسير إلى معاوية
بن حرب |
|
ليقتله كذا زعم
الأمير |
ويصلبه على بابي
دمشق |
|
وتأكل من محاسنه
الطيور |
تجبّرت الجبابر
بعد حجر |
|
وطاب لها
الخورنق والسدير |