التتر
من المغيّبات التي أخبر عنها الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، والتي تحقّقت بعد مئات من السنين هي المحنة الكبرى التي امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا ، وهي افول الخلافة الإسلامية ، وانطواء حكم بني العباس الذين أسرفوا في اقتراف ما حرّم الله ، فقد كانت لياليهم الحمراء حافلة بالخمور والمجون ، ولم يكن للإسلام حكم واقعي وإنّما صورة حكم.
وعلى كلّ حال فقد زحف التتر إلى احتلال عاصمة الإسلام بغداد ، وسقطت بذلك الدولة الإسلامية العظمى ، وقد أمعنوا في قتل الأبرياء وإشاعة الخوف والارهاب بين المسلمين ، وعمدوا إلى تدمير المعالم الإسلامية في المدينة ، وكان من أفجعها تدمير المكتبة المستنصرية التي كانت تضمّ مئات آلاف الكتب ، فالقيت في حوض دجلة ، وبذلك فقد خسر العالم الإسلامي أهمّ ثرواته الفكرية والعلمية.
ولنستمع إلى ما قاله الإمام عليهالسلام في وصف التتر ، وما يلحقونه في بلاد المسلمين من الدمار الشامل قال عليهالسلام :
« كأنّي أراهم قوما كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة (١) ، يلبسون السّرق (٢)
__________________
(١) المجان : جمع مجن ـ بكسر الميم ـ : الترس ، سمّي مجنا لأنّه مستتر به.
(٢) السرق : شقق الحرير.