« يا رشيد ، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعيّ بني اميّة ، فقطع يديك ورجليك ولسانك ».
فقال له أبي : يا أمير المؤمنين ، آخر ذلك إلى الجنّة؟
« يا رشيد ، أنت معي في الدّنيا والآخرة ».
وأخبره الإمام مرّة اخرى بشهادته حينما خرج معه إلى بستان فاستظلاّ تحت نخلة ، فقام صاحب البستان إلى النخلة فالتقط منها رطبا وقدّمه لهما ، فقال رشيد : « ما أطيب هذا الرطب؟
ـ « أما إنّك ستصلب على جذعها ».
فكان رشيد يتعاهدها ويتعبّد تحتها ، واجتاز عليها مرّة فرأى سعفها قد قطع فشعر بدنو أجله ، ومرّ عليها مرّة اخرى فرأى نصفها قد جعل زنوقا يستسقى عليه فأيقن بدنو أجله (١). ولم يمض قليل من الوقت حتى أرسل خلفه زياد بن أبيه ، فلمّا مثل عنده قال له :
ـ ما قال لك خليلك ـ يعني الإمام ـ إنّا فاعلون بك؟
ـ تقطعون يدي ورجلي وتصلبوني.
ـ أما والله لأكذّبن حديثه ...
وأمر الطاغية بإطلاق سراحه ، فلمّا خرج ندم على ذلك وأمر بإرجاعه إليه ، فلمّا حضر عنده قال له :
لا نجد لك شيئا أصلح ممّا قال صاحبك ، إنّك لا تزال تبغي لنا سوء إن بقيت ... اقطعوا يديه ورجليه ...
__________________
(١) حياة الإمام الحسن عليهالسلام ٢ : ٣٢٧.