فأجابته بشجاعة وصلابة غير حافلة بسلطانه قائلة : نعم غير نازعة عنه ، ولا معتذرة منه ، ولا منكرة له ، فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء ، إن نفع الاجتهاد وإن الحقّ لمن وراء العباد ، وما بلغت شيئا من جزائك ، وإنّ الله بالنقمة لمن ورائك ....
والتفت أحد خدمة السلطة إلى معاوية قائلا :
أقتل هذه يا أمير المؤمنين ، فو الله ما كان زوجها أحقّ بالقتل منها.
فسخرت منه وقالت ببطولة نادرة :
تبّا لك ، ويلك بين لحييك كجثمان الضفدع ، ثمّ أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ... إن تريد إلاّ أن تكون جبّارا في الأرض ، وما تريد أن تكون من المصلحين ...
وبهر معاوية وقال لها :
لله درّك اخرجي ، ثمّ لا أسمع بك في شيء من الشام.
لقد خاف من بقائها في الشام لئلا تبثّ الوعي السياسي بين الشاميّين فقد جهد معاوية على إبقائهم على غفلتهم وجهلهم.
وخرجت المرأة من الشام بعد أن أفحمت معاوية بمنطقها الفيّاض (١).
٢ ـ ميثم التمار رضياللهعنه :
أمّا ميثم التمار فهو من خيار أصحاب الإمام ، وقد ملئ إيمانا وصدقا وإخلاصا للإمام عليهالسلام ، وقد عهد إليه الإمام بالكثير من علومه ، وأطلعه على بعض الامور الغيبية ، وكان ميثم يتحدّث عنها ، فأنكرها قوم من الكوفيّين ، ونسبوه إلى المخرقة (٢).
__________________
(١) حياة الإمام الحسن عليهالسلام ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٨٢.
(٢) المخرقة : وهم الذين يفتعلون الكذب.