وفى هذا المعنى قوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ).
قال سفيان بن عيينة : يقول أنزع عنهم فهم القرآن.
وعن ابن عباس قال : التفسير أربعة أوجه :
وجه تعرفه العرب من كلامها.
وتفسير لا يعذر أحد بجهالته.
وتفسير تعرفه العلماء.
وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى.
وفى الحديث : «أنزل القرآن على أربعة أحرف : حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير تفسره العرب ، وتفسير تفسره العلماء ، ومتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى ، ومن ادعى علمه سوى الله تعالى فهو كاذب».
قال الزركشي فى البرهان فى قول ابن عباس : هذا تقسيم صحيح.
فأما الذي تعرفه العرب ، فهو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ، وذلك اللغة والإعراب.
فأما اللغة فعلى المفسر معرفة معانيها ومسميات أسمائها ، ولا يلزم ذلك القارئ ، ثم إن كان ما يتضمنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم كفى فيه خبر الواحد والاثنين والاستشهاد بالبيت والبيتين. وإن كان يوجب العلم لم يكف ذلك ، بل لا بد أن يستفيض ذلك اللفظ وتكثر شواهده من الشعر.
وأما الإعراب فما كان اختلافه محيلا للمعنى وجب على المفسر والقارئ تعلمه ليوصل المفسر إلى معرفة الحكم ويسلم القارئ من اللحن ، وإن لم يكن محيلا للمعنى وجب تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن ، ولا يجب على المفسر لوصوله إلى المقصود بدونه.
وأما ما لا يعذر أحد بجهله فهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ، وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا يعلم أنه مراد الله تعالى.
فهذا القسم لا يلتبس تأويله إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) وأنه لا شريك له فى الإلهية ، وإن لم يعلم أن