تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) جمع أم ، وإن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم.
قال : وهذا غلط أوجبه جهله بالتصريف ، فإنا أما لا تجمع على إمام.
الرابع : الاشتقاق ، لأن الاسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف باختلافهما ، كالمسيح هل هو من السياحة أو المسح.
الخامس ، والسادس ، والسابع : المعاني ، والبيان ، والبديع ، لأنه يعرف بالأول خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى ، وبالثاني خواصها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها ، وبالثالث وجوه تحسين الكلام.
وهذه العلوم الثلاثة هى علوم البلاغة ، وهى من أعظم أركان المفسر لأنه لا بد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز ، وإنما يدرك بهذه العلوم.
وقال السكاكي : اعلم أن شأن الإعجاز عجيب ، يدرك ولا يمكن وصفه ، كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة ، ولا طريق إلى تحصيله لغير ذوى الفطرة السليمة إلا التمرّن على علمى المعاني والبيان.
وقال ابن الحديد : اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح والرشيق والأرشق من الكلام أمر لا يدرك إلا بالذوق ، ولا يمكن إقامة الدلالة عليه ، وهو بمنزلة جاريتين إحداهما بيضاء مشربة بحمرة دقيقة الشفتين نقية الثغر كحلاء العين أسيلة الخد دقيقة الأنف معتدلة القامة ، والأخرى دونها فى هذه الصفات والمحاسن لكنها أحلى فى العيون والقلوب منها ، ولا يدرى سبب ذلك ولكنه يعرف بالذوق والمشاهدة ولا يمكن تعليله ، وهكذا الكلام ، نعم يبقى الفرق بين الوصفين أن حسن الوجوه وملاحتها وتفضيل بعضها على بعض يدركه كل من له عين صحيحة. وأما الكلام فلا يدرك إلا بالذوق ، وليس كل من اشتغل بالنحو واللغة والفقه يكون من أهل الذوق وممن يصلح لانتقاد الكلام ، وإنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر وصارت لهم بذلك دراية وملكة تامة ، فإلى أولئك ينبغى أن يرجع فى معرفة الكلام وفضل بعضه على بعض.
وقال الزمخشري : من حق مفسر كتاب الله الباهر وكلامه المعجز أن يتعاهد بلقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح.