وكذا ما نقل عن
بعض التابعين.
وإن لم يذكر أنه
أخذه عن أهل الكتاب ، فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض ، وما
نقل فى ذلك عن الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما ينقل عن التابعين ، ولأن
احتمال أن يكون سمعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو من بعض من سمعه منه أقوى ، ولأن نقل الصحابة عن أهل
الكتاب أقل من نقل التابعين ، ومع جزم الصحابي بما يقوله كيف يقال إنه أخذه عن أهل
الكتاب ، وقد نهوا عن تصديقهم.
وأما القسم الذي
يمكن معرفة الصحيح منه ، فهذا موجود كثير.
وأما ما يعلم
بالاستدلال لا بالنقل فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين :
أحدها : قوم
اعتقدوا معانى ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.
والثاني : قوم
فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر
إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به.
فالأولون راعوا
المعنى الذي رأوه من غير نظر إلى ما يستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان.
والآخرون راعوا
مجرد اللفظ وما يجوز أن يراد به العربي من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم وسياق
الكلام.
ثم هؤلاء كثيرا ما
يغلطون فى احتمال اللفظ لذلك المعنى فى اللغة كما يغلط فى ذلك الذين قبلهم.
كما أن الأولين
كثيرا ما يغلطون فى صحة المعنى الذي فسروا به القرآن كما يغلط فى ذلك الآخرون.
وإن كان نظر
الأولين إلى المعنى أسبق ونظر الآخرين إلى اللفظ أسبق.
والأولون صنفان :
تارة يسلبون لفظ
القرآن ما دل عليه وأريد به.
وتارة يحملونه على
ما لم يدل عليه ولم يرد به.
وفى كلا الأمرين
قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا فيكون خطؤهم فى الدليل والمدلول.